responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 456
وَاقْتَصَرَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى قَوْلِ الزَّجَّاجِ: إنَّ الصَّبْرَ الْجَمِيلَ لَا جَزَعَ فِيهِ وَلَا شَكْوَى إلَى النَّاسِ، وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِهِ {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84] بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ شَكَا إلَى اللَّهِ لَا مِنْهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِنَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الدُّعَاءَ، فَالْمَعْنَى يَا رَبِّ ارْحَمْ أَسَفِي عَلَى يُوسُفَ.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83] إنْ قِيلَ أَيْنَ الصَّبْرُ وَهَذَا لَفْظُ الشَّكْوَى، فَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّكْوَى إلَى اللَّهِ لَا تُنَافِي الصَّبْرَ، وَإِنَّمَا الْمَذْمُومُ الشَّكْوَى إلَى الْخَلْقِ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَكَا إلَى النَّاسِ وَهُوَ فِي شَكْوَاهُ رَاضٍ بِقَضَاءِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَزَعًا أَلَمْ تَسْمَعْ «قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ أَجِدُنِي مَغْمُومًا وَأَجِدُنِي مَكْرُوبًا» وَقَوْلَهُ «بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ» هَذَا سِيَاقُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ شَرْحِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ: وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ الَّذِي لَا شَكْوَى مَعَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ وَفِي أَثَرٍ إسْرَائِيلِيٍّ: أَوْحَى اللَّهُ إلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ أَنْزَلْت بِعَبْدِي بَلَائِي فَدَعَانِي فَمَاطَلْته بِالْإِجَابَةِ، فَشَكَانِي، فَقُلْت عَبْدِي كَيْفَ أَرْحَمُك مِنْ شَيْءٍ بِهِ أَرْحَمُك. ثُمَّ قَالَ وَالشَّكْوَى إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تُنَافِي الصَّبْرَ، فَإِنَّ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَدَ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ، وَالنَّبِيُّ إذَا وَعَدَ لَا يُخْلِفُ، ثُمَّ قَالَ {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ وَجَدَهُ صَابِرًا مَعَ قَوْلِهِ {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83] وَإِنَّمَا يُنَافِي الصَّبْرَ شَكْوَى اللَّهِ لَا الشَّكْوَى إلَيْهِ، كَمَا رَأَى بَعْضُهُمْ رَجُلًا يَشْكُو إلَى آخَرَ فَاقَةً وَضَرُورَةً، فَقَالَ يَا هَذَا تَشْكُو مَنْ يَرْحَمُك إلَى مَنْ لَا يَرْحَمُك، ثُمَّ أَنْشَدَهُ:
وَإِذَا عَرَاك بَلِيَّةٌ فَاصْبِرْ لَهَا ... صَبْرَ الْكَرِيمِ فَإِنَّهُ بِك أَعْلَمُ
وَإِذَا شَكَوْت إلَى ابْنِ آدَمَ إنَّمَا ... تَشْكُو الرَّحِيمَ إلَى الَّذِي لَا يَرْحَمُ
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ طَبِيبٌ لَا حَكِيمٌ لِاسْتِعْمَالِ الشَّارِعِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحَكِيمُ الْعَالِمُ وَصَاحِبُ الْحِكْمَةِ، وَالْحَكِيمُ الْمُتْقِنُ لِلْأُمُورِ، وَقَدْ حَكُمَ أَيْ صَارَ حَكِيمًا. قَالَ فِي الْآدَابِ: وَالطَّبِيبُ يَتَنَاوَلُ لُغَةً مَنْ يَطِبُّ الْآدَمِيَّ وَالْحَيَوَانَ وَغَيْرَهُمَا، كَمَا يَتَنَاوَلُ الطَّبَايِعِيَّ وَالْكَحَّالَ

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 456
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست