responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 461
كَثِيرًا، وَلَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى» انْتَهَى.
فَالْخَوْفُ سَوْطٌ يَسُوقُ الْمُتَمَادِيَ، وَيُقَوِّمُ الْأَعْوَجَ، وَيُلَيِّنُ الْقَاسِيَ، وَيُطَوِّعُ الْمُسْتَصْعِبَ. وَلَيْسَ هُوَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الرَّجَاءِ، فَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ عَلَى الْخَوْفِ. (الرَّجَا) بِالْمَدِّ، وَقَصْرُهُ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ ضِدُّ الْيَأْسِ. قَالَ فِي الْمَطَالِعِ وَالْجَمْهَرَةِ: فَعَلْت رَجَاءَ كَذَا وَرَجَاءَ كَذَا بِمَعْنَى طَمَعِي فِيهِ وَأَمَلِي.
قَالَ وَيَكُونُ أَيْضًا الرَّجَاءُ كَذَلِكَ مَمْدُودًا بِمَعْنَى الْخَوْفِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّا لَنَرْجُو وَنَخَافُ أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13] أَيْ لَا تَخَافُونَ عَظَمَةً. وَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ أَيْ يَخَافُ. يُقَالُ فِي الْأَمَلِ رَجَوْت وَرَجَيْتُ، وَفِي الْخَوْفِ بِالْوَاوِ لَا غَيْرُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي الْخَوْفِ أَلْزَمَتْهُ لِأَحْرُفِ النَّفْيِ وَلَمْ تَسْتَعْمِلْهُ مُفْرَدًا إلَّا فِي الْأَمَلِ وَالطَّمَعِ وَفِي ضِمْنِهِ الْخَوْفُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يُؤَمِّلُهُ. قَالَ فِي الْمَطَالِعِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ قَوْلَ هَذَا فَقَدْ اسْتَعْمَلَتْهُ بِغَيْرِ لَا. انْتَهَى.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ فِي شَرْحِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ: الْخَوْفُ مُسْتَلْزِمٌ لِلرَّجَاءِ، وَالرَّجَاءُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْخَوْفِ، فَكُلُّ رَاجٍ خَائِفٌ، وَكُلُّ خَائِفٍ رَاجٍ، وَلِأَجْلِ هَذَا حَسُنَ وُقُوعُ الرَّجَاءِ فِي مَوْضِعٍ يَحْسُنُ فِيهِ وُقُوعُ الْخَوْفِ. قَالَ تَعَالَى {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13] قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ: الْمَعْنَى مَا لَكُمْ لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً. قَالُوا: وَالرَّجَاءُ بِمَعْنَى الْخَوْفِ. قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ مُلَازِمٌ لَهُ، فَكُلُّ رَاجٍ خَائِفٌ مِنْ فَوَاتِ مَرْجُوِّهِ، وَالْخَوْفُ بِلَا رَجَاءٍ يَأْسٌ وَقُنُوطٌ.
وَقَالَ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجاثية: 14] قَالُوا فِي تَفْسِيرِهَا لَا يَخَافُونَ وَقَائِعَ اللَّهِ بِهِمْ كَوَقَائِعِهِ بِمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ الْأُمَمِ. انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا مُتَعَادِلَيْنِ كَجَنَاحَيْ الطَّائِرِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُغَلَّبُ الْخَوْفُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ يُغَلَّبُ الرَّجَاءُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ يُغَلَّبُ الْخَوْفُ فِي الصِّحَّةِ وَالرَّجَاءُ فِي الْمَرَضِ، وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عِنْدَ بَأْسِهِ) أَيْ سَقَمِهِ وَمَرَضِهِ.
وَالْبَأْسُ الْعَذَابُ وَالشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ. وَبَئِسَ كَسَمِعَ بُؤْسًا اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ. وَالْبَأْسَاءُ

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 461
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست