أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبسُ به الألسن، ولا يشبعُ منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم.
إنَّ قدر القرآن وفضله هو بقدر الموصوف به وفضله، فالقرآن كلام الله وصفته، وكما أنَّه تبارك وتعالى لا سميَّ له ولا شبيه في أسمائه وصفاته، فلا سميَّ له ولا شبيه له في كلامه، فله تبارك وتعالى الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته، لايشبهه شيء من خلقه، ولا يشبه هو تبارك وتعالى شيئًا من خلقه، تعالى وتقدّس عن الشبيه والنّظير {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [1]، والفرق بين كلام الله وكلام المخلوقين هو كالفرق بين الخالق والمخلوقين.
قال أبو عبد الرحمن السُّلمي رحمه الله: "فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الربِّ على خلقه، وذلك أنَّه منه"[2].
وقد روي هذا اللفظ مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إلاّ أنّ رفعه لا يثبت كما أوضح ذلك الإمام البخاري رحمه الله في كتابه "خلقُ أفعال العباد"3 وغيرُه من أئمّة العلم. وأما معناه فحق لا ريب فيه، ولا ريب في حسنه وقوّته واستقامته وجمال مدلوله، وقد استشهد أهل العلم [1] سورة الشورى، الآية: (11) . [2] رواه البيهقي في الأسماء والصفات (1/504) .
(ص:162) ، وانظر: السلسلة الضعيفة للألباني (3/505) .