نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي جلد : 1 صفحه : 183
كلما حسنتها ازددنا لك حسناً وازددت بنا نعيماً، وحدثونا عن رابعة العدوية رحمها الله تعالى قالت: سبحت ذات ليلة تسبيحات من السحر ثم نمت فرأيت شجرة خضرة نضرة لا توصف عظماً وحسناً وإذا عليها ثلاثة أنواع من الثمر لا أعرفه من ثمار الدنيا كثدي الأبكار ثمرة بيضاء وثمرة حمراء وثمرة صفراء، فهن يلمعن كالأقمار والشموس في خلال خضرة الشجرقالت: فاستحسنتها فقلت: لمن هذه؟ فقال لي قائل: هذه لك بتسبيحاتك آنفاً، قالت: فجعلت أطوف حولها فإذا تحتها ثمرة منتشرة على الأرض في لون الذهب فقلت: لو كانت هذه الثمرة مع هذه الثمار على هذه الشجرة لكان أحسن فقال لي الشخص: كانت هناك إلا أنك حين سبحت تفكرت هل اختمر العجين أم لا فانتثرت هذه الثمرة فهذه عبرة لأولي الأبصار ومواعظ لأهل التقوى والأذكار.
ذكر المقام الثالث من المراقبة
روي أن كعب الأحبار قال لعمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: لو لقيت اللَّه تعالى بعمل سبعين نبياً لخشيت أنك لا تنجو من هول ذلك اليوم، وقال بعض السلف: لو أن العبد كان يجر على وجهه من أول الدنيا إلى قيام الساعة في طاعة اللَّه وعبادته لاحتقره يوم القيامة لما يرى من الزلازل والأهوال، وفي الحديث: معالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف وإن ألم شعرة من الموت لو وضع على جميع الخلائق لماتوا وإن بين الخلائق وبين الموت وبين دخول الجنة مائة ألف هول كل هول منها يزيد على ألم الموت مائة ألف ضعف لا ينجو العبد من كل هول منها إلا برحمة فيحتاج العبد إلى مائة ألف رحمة تنجيه من تلك الأهوال يكون ذلك العدد من الرحمة مقسوماً على مائة ألف حسنة أعطيها من حسناته في الدنيا التي أحسن بها إليه يكون مكاناً لظهور الرحمة وطريقاً لعطائها غداً حكمة من الحكيم وقسماً مدبراً من الرحيم لأن الصالحات طرق الجزاء والحسنات كلها عن الرحمة الواحدة التي سبقت له بها النجاة ثم سقطت في طرقات الأعمال أماكن الثواب فيعطى ذلك ههنا اليوم وهوالعطاء الأول يحسن توفيقه ولطف عنايته ويعطى الجزاء هناك غداً بفضل رحمته وتمام نعمته ذلك تقدير العزيز العليم كما قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُالإحْسِانِ إلاَّ الإحْسَانُ) الرحمن: 60 قيل في الخبر: ما جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلا الجنة، وقال بعض العلماء: وليس لقول لا إله إلا اللَّه جزاء إلا النظر لوجه اللَّه تعالى والجنة جزاء الأعمال ألم ترَ أنه لو حرم التوحيد اليوم لحرم الجنة ولو منع الإسلام اليوم لم يغفر اللَّّّه له أبداً كما قال عزّ وجل: (إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ باللَّه فَقَدّْ حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ الجَنَّة) المائدة: 72 وقال: (إنَّ الَّذينَ كَفَرُوا وَصَدّوا عَنْ سَبيِل اللَّه ثَمْ مَاْتُوا وهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يغفرَ اللُّه لَهُم) محمد: 34 فهذا مما لاحيلة فيه ولا سبيل إليه، وقد قال: (هُوَ أهْلُ التَقْوَى وَأهْلُ المَغْفِرَةِ) المدثر: 56 قيل: هو أهل أن يعطى التقوى ومن أعطاه التقوى فهو أهل أن يعطيه المغفرة
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي جلد : 1 صفحه : 183