responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 374
في تنجيز وعده، واتباعًا لسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن الرجاء ترك الأهواء الرديئة، والشهوات المطغية ويحتسب في ذلك على الله نفيس الذخائر العالية.
فقد روينا عن حميد عن أنس قال: مقابل عرش الرحمن غرفة يرسل إليها جبريل عليه السلام، فإذا انتهى إليها خر لله ساجدًا، ثم يقول: يارب لمن خلقت هذه، لأي نبي؟ لأ صديق؟ لأي شهيد؟ قال: فيرد عليه عزّ وجلّ: لمن آثر هواي على هواه.
ومن الرجاء افتعال الطاعات، وحسن الموافقات، ينوي بها، ويسأل مولاه الكريم عظيم الرغائب وجليل المواهب، لما وهب له من حسن الظن به.
كما روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا سألتم الله تعالى فأعظموا الرغبة، وسلوه الفردوس الأعلى، فإن الله عزّ وجلّ لا يتعاظمه شيء.
وفي حديث آخر فأكثروا وسلوا الدرجات العلى، فإنما تسألون جوادًا كريمًا، وفي الآثار أن رجلين كانا من العابدين متساويين في العبادة، فإذا دخلا الجنة رفع أحدهما في الدرجات العلى على صاحبه، فيقول الآخر: يارب ما كان هذا في الدنيا بأكثر عبادة لك مني فرفعته علي في عليين، فيقول الله سبحانه وتعالى: إنه كان يسألني في الدنيا الدرجات العلى وكنت أنت تسألني النجاة من النار، فأعطيت كل عبد سؤله.
وروينا في الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رجلاً يخرج من النار فيوقف بين يدي الله تعالى، فيقول له: كيف وجدت مكانك؟ فيقول: يارب شر مكان، فيقول: ردوه إلى مكانه، قال: فيمشي ويلتفت إلى ورائه، فيقول الله عزّ وجلّ: إلى أي معنى تلفت؟ فيقول له: يارب قد رجوت أن لا تعيدني إليها بعد إذ أخرجتني منها، فيقول تعالى: اذهبوا به إلى الجنة فقد صار الرجاء طريقه إلى الجنة، كما كان الخوف طريق صاحبه في الدنيا إليها.
كما روينا: إن الآخر سعى مبادرًا إلى النار لما قال: ردّوه فقيل له في ذلك، فقال: لقد ذقت من وبال معصيتك في الدنيا ماخفت من عذابه في الآخرة فقيل: اصرفوه إلى الجنة، وقال الله سبحانه في وصف قوم: (أُولئِك الَّذينَ يَدْعُونَ يَبْتغُون إلى رَبِّهِمْ الْوَسيلَةَ أيُّهمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذابهُ) الإسراء: 57 فطرق لأوليائه من القرب والوسيلة الرجاء، كما طرق الخوف منه إليها، وهذا أحد الوجهين في الآية لمن لم يجعله وصفًا للأصنام لأنها قرئت بالتاء تدعون قرأها طلحة بن مصرف، فكذلك ندب المؤمنين إلى طلب القرب منه قي قوله عزّ وجلّ: (يَا أيهُا الذين آمنُوا اتَّقُوا الله وَابْتَغُوا إليْهِ الْوَسيلَةَ) المائدة: 35 فهذه جملة أحكام الرجاء وأوصاف الراجين، فمن تحقّق بجميعها فقد استحق درجات أهل الرجاء، وهو عند الله تعالى من المقرّبين، ومن كان فيه وصف من هذه

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست