نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 155
ما تدركه الحواس وما لا تدركه الحواس:
وقريب من الخطين السابقين هذان الخطان الآخران: الإيمان بما تدركه الحواس، والإيمان بما لا تدركه الحواس[1].
إنهما طاقتان فطريتان في كيان الإنسان. كلتاهما إنسانية أصيلة، فالحيوان لا "يؤمن" بشيء من الأشياء. ومع ذلك فالإيمان بما تدركه الحواس ليس هو مزية الإنسان العظمى. إذا هو أقرب في طبيعته للطاقة الحسية المشتركة بين الإنسان والحيوان. أما القدرة على الإيمان بما لا تدركه الحواس فهو المزية الأساسية للكائن البشري، والموهبة العظمى التي وهبها الله للإنسان.
وعلى الرغم من هذه البديهية التي يؤيدها العلم التجريبي نفسه -كما ذكرنا من قول جوليان هكسلي- فالجاهلية الحديثة تطمس بصيرة الإنسان في هذا الجانب، وتحدد كيانه، وتحصره في محيط ما تدركه الحواس وحده. وتقول إن هذه هي "الواقعية"!
"إن حقيقة العالم تنحصر في ماديته"!.. كذلك يقول المذهب المادي على لسان ماركس. وكذلك يؤمن الغرب كله بصرف النظر عن مذاهبه الاقتصادية، فالخلاف فيها خلاف على القشرة، أما الأساس المشترك فهو إيمان بمادية الحياة ومادية الإنسان! [2]. [1] هذه الخطوط الثلاثة: الواقع والخيال، والحسية والمعنوية، والإيمان بما تدركه الحواس وما لا تدركه الحواس، قد تبدو لأول وهلة كأنها شيء واحد. وحقًّا إن فيها شيئًا من التداخل، ولكنها مع ذلك متميزة كما يرى القارئ من تفصيل الكلام. [2] انظر بالتفصيل كتاب "الإنسان بين المادية والإسلام" وكتاب "معركة التقاليد".
فهو تأمل يؤدي مباشرة إلى الإيمان. والإيمان يؤدي مباشرة إلى العمل وإلى الجهاد في سبيل تحقيق التصور الإيماني الذي أنشأه التأمل في الملكوت. وبذلك يرتبط الحسي والمعنوي في واقع الحياة كما هما مرتبطان في واقع النفس.
ويكون هذا الدين العجيب المعجز هو "دين الفطرة" كما حدث عنه القرآن الكريم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم} .
نام کتاب : منهج التربية الإسلامية نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 155