responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 276
فَرَطَ، وَبِالْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ دَوَامُ الطَّاعَةِ وَدَوَامُ تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الْمَوْتِ.
وَمِنْ أَهَمِّ مَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ، فَمَنْ تَنَاوَلَ مَالًا بِغَصْبٍ أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ غَبْنٍ فِي مُعَامَلَةٍ بِنَوْعِ تَلْبِيسٍ كَتَرْوِيجِ زَائِفٍ أَوْ سَتْرِ عَيْبٍ مِنَ الْمَبِيعِ أَوْ نَقْصِ أُجْرَةِ أَجِيرٍ أَوْ أَكْلِ أُجْرَتِهِ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُفَتِّشَ عَنْهُمْ لِيَسْتَحِلَّهُمْ أَوْ لِيُؤَدِّيَ حُقُوقَهُمْ لَهُمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِمْ، وَلْيُحَاسِبْ نَفْسَهُ عَلَى الْحَبَّاتِ وَالدَّوَانِقِ قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ فِي الْقِيَامَةِ، وَلْيُنَاقِشْ قَبْلَ أَنْ يُنَاقَشَ، فَمَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا طَالَ فِي الْآخِرَةِ حِسَابُهُ، فَإِنْ عَجَزَ فَلَا يَبْقَى لَهُ طَرِيقٌ إِلَّا أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِقَدْرِ كَثْرَةِ مَظَالِمِهِ، فَهَذَا طَرِيقُ كُلِّ تَائِبٍ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ الثَّابِتَةِ فِي ذِمَّتِهِ. وَأَمَّا أَمْوَالُهُ الْحَاضِرَةُ فَلْيَرُدَّ إِلَى الْمَالِكِ مَا يَعْرِفُ لَهُ مَالِكًا مُعَيَّنًا، وَمَا لَا يَعْرِفُ لَهُ مَالِكًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنِ اخْتَلَطَ الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ الْحَرَامِ بِالِاجْتِهَادِ وَيَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ.
وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَى الْقُلُوبِ بِمُشَافَهَةِ النَّاسِ بِمَا يَسُوؤُهُمْ أَوْ بِعَيْبِهِمْ فِي الْغِيبَةِ، فَلْيَطْلُبْ كُلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ بِلِسَانِهِ أَوْ آذَى قَلْبَهُ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ، فَمَنْ وَجَدَهُ وَأَحَلَّهُ بِطِيبِ قَلْبٍ مِنْهُ فَذَلِكَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ مَاتَ أَوْ غَابَ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالُهُ فَقَدْ فَاتَ أَمْرُهُ وَلَا يُتَدَارَكُ إِلَّا بِتَكْثِيرِ الْحَسَنَاتِ.
وَمِنْ مُهِمَّاتِ التَّائِبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْكِنَهُ الِاسْتِقَامَةُ.

أَقْسَامُ الْعِبَادِ فِي دَوَامِ التَّوْبَةِ
اعْلَمْ أَنَّ التَّائِبِينَ فِي التَّوْبَةِ عَلَى أَرْبَعِ طَبَقَاتٍ:
الطَّبَقَةُ الْأُولَى: أَنْ يَتُوبَ الْعَاصِي وَيَسْتَقِيمَ عَلَى التَّوْبَةِ إِلَى آخِرِ عُمْرِهِ فَيَتَدَارَكُ مَا فَرَطَ مِنْ أَمْرِهِ وَلَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالْعَوْدِ إِلَى ذُنُوبِهِ، إِلَّا الزَّلَّاتِ الَّتِي لَا يَنْفَكُّ الْبَشَرُ عَنْهَا فِي الْعَادَاتِ، فَهَذَا هُوَ الِاسْتِقَامَةُ عَلَى التَّوْبَةِ، وَصَاحِبُهُ هُوَ «السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ» الْمُسْتَبْدِلُ بِالسَّيِّئَاتِ حَسَنَاتٍ، وَاسْمُ هَذِهِ التَّوْبَةِ: «التَّوْبَةُ النَّصُوحُ» وَاسْمُ هَذِهِ النَّفْسُ السَّاكِنَةُ: «النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ» الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى رَبِّهَا رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً.
الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ: تَائِبٌ سَلَكَ طَرِيقَ الِاسْتِقَامَةِ فِي أُمَّهَاتِ الطَّاعَاتِ وَتَرَكَ كَبَائِرَ الْفَوَاحِشِ كُلَّهَا إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ يَنْفَكُّ عَنْ ذُنُوبٍ تَعْتَرِيهِ لَا عَنْ عَمْدٍ وَلَكِنْ يُبْتَلَى بِهَا فِي مَجَارِي أَحْوَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَدِّمَ عَزْمًا عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا، وَلَكِنَّهُ كُلَّمَا أَقْدَمَ عَلَيْهَا لَامَ نَفْسَهُ وَنَدِمَ وَتَأَسَّفَ وَجَدَّدَ عَزْمَهُ عَلَى أَنْ يَتَشَمَّرَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ أَسْبَابِهَا الَّتِي تُعَرِّضُهُ لَهَا، وَهَذِهِ النَّفْسُ جَدِيرَةٌ بِأَنْ تَكُونَ هِيَ «النَّفْسُ اللَّوَّامَةُ» إِذْ تَلُومُ صَاحِبَهَا عَلَى مَا يَسْتَهْدِفُ لَهُ مِنَ الْأَحْوَالِ الذَّمِيمَةِ لَا عَنْ تَصْمِيمِ عَزْمٍ وَقَصْدٍ، وَهَذِهِ أَيْضًا رُتْبَةٌ عَالِيَةٌ وَإِنْ كَانَتْ نَازِلَةً عَنِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى، وَهِيَ أَغْلَبُ أَحْوَالِ التَّائِبِينَ، لِأَنَّ الشَّرَّ مَعْجُونٌ بِطِينَةِ الْآدَمِيِّ قَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا غَايَةُ سَعْيِهِ أَنْ يَغْلِبَ خَيْرُهُ شَرَّهُ حَتَّى يَثْقُلَ مِيزَانُهُ فَتَرْجَحُ كِفَّةُ الْحَسَنَاتِ، فَأَمَّا أَنْ تَخْلُوَ بِالْكُلِّيَّةِ كِفَّةُ السَّيِّئَاتِ فَذَلِكَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ

نام کتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين نویسنده : القاسمي، جمال الدين    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست