نام کتاب : نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 0 صفحه : 65
وقد يتكلم صلّى الله عليه وسلّم في بعض النوازل وبحضرته أخلاط من الناس، قبائلهم شتى، ولغاتهم مختلفة، ومراتبهم في الحفظ والإتقان غير متساوية، وليس كلهم يتيسّر لضبط اللفظ وحصره، أو يتعمد لحفظه ووعيه، وإنما يستدرك المراد بالفحوى، ويتعلق منه بالمعنى، ثم يؤديه بلغته، ويعبر عنه بلسان قبيلته، فيجتمع في الحديث الواحد اذا انشعبت طرقه عدة ألفاظ مختلفة موجبها شيء واحد، وهذا كما يروى: «أن رجلا كان يهدي إلى رسول الله كل عام راوية خمر، فأهداها عام حرمت، فقال: إنها حرمت، فاستأذنه في بيعها، فقال له: إن الذي حرم شربها حرم بيعها، قال: فما أصنع بها؟ قال: سنّها في البطحاء، قال: فسنّها» ، وجاء في رواية اخرى: «فهتّها» ، وفي رواية أخرى:
«فبعّها» [1] . والمعنى واحد» [2] . ويعني هذا أن اختلاف الرواة قد يكون هو المسئول عن غرابة كثير من الألفاظ.
وقال الخطابي أيضا: وبلغني أن أبا عبيد القاسم بن سلام مكث في تصنيف كتابه (غريب الحديث) أربعين سنة يسأل العلماء عما أودعه من تفسير الحديث، والناس إذ ذاك متوافرون، والروضة أنف، والحوض ملآن، ثم قد غادر الكثير منه لمن بعده، ثم سعى له أبو محمد (ابن قتيبة) سعي الجواد إذا استولى على الأمد [3] ، فأسأر [4] القدر الذي جمعناه في كتابنا هذا، وقد بقي من وراء ذلك أحاديث ذات عدد لم أتيسر لتفسيرها، تركتها ليفتحها الله على من يشاء من عباده، ولكل وقت قوم، ولكل نشء علم. قال الله تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (الحجر/ 21) [5] .
ولله در الخطابي فقد كان الناس فعلا إذ ذاك (أي في الصدر الأول) يفقهون حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم خلف من بعدهم خلف يحتاجون إلى الكتب الطوال التي تشرح غريب حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن هنا كان حرصنا على أن تتضمن الموسوعة بيانا لهذه الألفاظ وشرحا لها مما يغني القارىء عن الرجوع إلى كتب الغريب وشروح الحديث.
لقد كانت طموحات الشيخ عبد الرحمن بن ملوح أوسع من الرجوع إلى كتب الغريب وشروح الحديث.
لقد كانت طموحات الشيخ عبد الرحمن بن ملوح أوسع من أن تقف عند ما أنجزته اللجنتان الأولى والثانية، فكان يشير علينا بين الحين والآخر لإضافة هذه الصفة أو تلك، وكان يتضح عقب إنجاز هذه الصفات مدى الفائدة العظيمة والخير العميم من إضافتها، وكان من ذلك صفات: الإغاثة- الإنذار- الإنصاف- التبليغ- تكريم الإنسان- التوحيد- عيادة المريض- الفضل- كفالة اليتيم- اللين- معرفة الله عزّ وجلّ- الكلم الطيب- المسارعة في الخيرات- النظر والتبصر ... ونحو ذلك من الصفات المأمور بها. [1] الفائق 3/ 254، 255 وجاء فيه: الثلاثة- يعني السّنّ، والهتّ، والبعّ- في معنى الصب، إلا أن السن في سهولة، والهت في تتابع، والبع في سعة وكثرة، وروى بالثاء، أي قذفها، من ثع يثع، إذا قاء. [2] غريب الحديث للخطابي 1/ 15. [3] يشير إلى قول النابغة: «سبق الجواد إذا استولى على الأمد» ، وأبو محمد هو ابن قتيبة. وجاء في اللسان (أمد) : أمد الخيل في الرهان: مدافعها في السباق ومنتهى غاياتها التي تسبق إليه. [4] أسأر: أي أبقي شيئا قليلا. [5] غريب الحديث الخطابي 1/ 15- 16.
نام کتاب : نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 0 صفحه : 65