responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 1  صفحه : 151
وَانْهَزَمَ قوم من الْمُسلمين يَوْمئِذٍ، مِنْهُم عُثْمَان بْن عَفَّان، فَعَفَا اللَّه عَنْهُم وَنزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُم ... } الْآيَة وَكَانَ الحسيل بْن جَابر الْعَبْسِي -وَهُوَ الْيَمَان وَالِد حُذَيْفَة بْن الْيَمَان- وثابت بْن وقش شيخين كبيرين قد جُعِلا فِي الْآطَام[1] مَعَ النِّسَاء وَالصبيان، فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: مَا بَقِي من أعمارنا[2]؟! فَلَو أَخذنَا سُيُوفنَا ولحقنا برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّه يرزقنا الشَّهَادَة. وَفَعَلا ذَلِك، فدخلا فِي جملَة الْمُسلمين. فَأَما ثَابت بْن وقش فَقتله الْمُشْركُونَ، وَأما الحسيل فَظَنهُ الْمُسلمُونَ من الْمُشْركين فَقَتَلُوهُ خطأ، وَقيل إِن الَّذِي قَتله عتبَة بْن مَسْعُود. وَكَانَ حُذَيْفَة يَصِيح والمسلمون قد علوا أَبَاهُ: أَبِي أَبِي! ثمَّ تصدق بديته على الْمُسلمين.
وَكَانَ مخيريق أحد بني ثَعْلَبَة بْن الفطيون من الْيَهُود قد دَعَا الْيَهُود إِلَى نصر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُم: وَالله إِنَّكُم لتعلمون أَن نصر مُحَمَّد عَلَيْكُم حق، فَقَالُوا لَهُ: إِن الْيَوْم السبت، فَقَالَ: لَا سبت لكم. وَأخذ سلاحه، وَلحق برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقاتل مَعَه حَتَّى قتل، وَأوصى أَن مَاله لرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيُقَال إِنَّ بعض صدقَات رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ من مَال مخيريق.
وَكَانَ الْحَارِث بْن سُوَيْد بْن الصَّامِت منافقا لم ينْصَرف مَعَ عَبْد اللَّهِ بْن أبي فِي حِين انْصِرَافه عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جماعته عَن غزَاة أحد، ونهض مَعَ الْمُسلمين، فَلَمَّا التقى الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ بِأحد عدا عَليّ المجذر بْن ذياد البلوي وعَلى قيس بْن زيد أحد بني ضبيعة، فَقَتَلَهُمَا وفر إِلَى الْكفَّار -وَكَانَ المجذر قد قتل فِي الْجَاهِلِيَّة سُوَيْد بْن الصَّامِت وَالِد الْحَارِث الْمَذْكُور فِي بعض حروب الْأَوْس والخزرج- ثمَّ لحق الْحَارِث بْن سُوَيْد مَعَ الْكفَّار بِمَكَّة، فَأَقَامَ هُنَاكَ مَا شَاءَ اللَّه، ثمَّ حِينه[3] اللَّه فَانْصَرف إِلَى الْمَدِينَة إِلَى قومه. وأتى رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَر من السَّمَاء، نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، فَأخْبرهُ أَن الْحَارِث بْن سُوَيْد قد قدم فانهض إِلَيْهِ، واقتص مِنْهُ لمن قَتله من الْمُسلمين غدرا يَوْم أحد. فَنَهَضَ رَسُول الله

[1] الْآطَام: الْحُصُون.
[2] فِي بعض المصادر: مَا بَقِي من أعمارنا ظمء حمَار: مَا بَين الوردين، وَالْحمار: أقصر الدَّوَابّ ظمأ أَي مَا بَقِي من أعمارنا إِلَّا الْقَلِيل.
[3] حِينه: كتب عَلَيْهِ الْحِين وَهُوَ الْهَلَاك وَالْمَوْت.
نام کتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 1  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست