responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 1  صفحه : 195
من بني عَامر بْن لؤَي وَمولى لَهُم. فَأتيَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فأسلمه إِلَيْهِمَا على مَا عقد فِي الصُّلْح. فاحتملاه، فَلَمَّا صَارُوا بِذِي الحليفة[1] قَالَ أَبُو بَصِير لأحد الرجلَيْن: أرى سَيْفك هَذَا سَيْفا جيدا فأرنيه، فَلَمَّا أرَاهُ إِيَّاه ضرب [بِهِ] العامري فَقتله وفر الْمولى فَأتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "هَذَا رجل مذعور وَلَقَد أصَاب هَذَا ذعر". فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ أخبرهُ بِمَا وَقع. وَقَالَ: غدر بِنَا وبينما هُوَ يكلمهُ إِذْ وصل أَبُو بَصِير، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه قد وفت ذِمَّتك وأطلقني اللَّه عز وَجل، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْلُمِّهِ مِسْعَرَ [2] حَرْبٍ لَو كَانَ لَهُ رجال، أَو قَالَ أَصْحَاب". فَعلم أَبُو بَصِير أَنه سيرده فَخرج حَتَّى أَتَى سيف[3] الْبَحْر، موضعا يُقَال لَهُ الْعيص[4] من نَاحيَة ذِي الْمَرْوَة على طَرِيق قُرَيْش إِلَى الشَّام، فَجعل يقطع على رفاقهم[5].واستضاف إِلَيْهِ قوما من الْمُسلمين الفارين عَن قُرَيْش، مِنْهُم أَبُو جندل بْن سُهَيْل، فَجعلُوا لَا يتركون لقريش عيرًا وَلَا ميرة وَلَا مارا إِلَّا قطعُوا بهم. فَكتبت فِي ذَلِك قُرَيْش إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا نرى أَن تضمهم إِلَيْك إِلَى الْمَدِينَة، فقد آذونا.
وَأنزل اللَّه تَعَالَى بعد ذَلِك الْقُرْآن بِفَسْخ الشَّرْط الْمَذْكُور فِي رد النِّسَاء[6]، فَمنع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ ردهن، ثمَّ نزلت سُورَة[7] بَرَاءَة، فنسخ ذَلِك كُله، ورد على كل ذِي عهد عَهده وَأَن يمهلوا أَرْبَعَة أشهر، وَمن لم يستقم على عَهده لَا يستقام لَهُ. وَهَاجَرت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بْن أبي معيط، فَأتى أَخَوَاهَا: عمَارَة والوليد فِيهَا، ليردوها، فَمنع اللَّه عز وَجل من رد النِّسَاء الْمُؤْمِنَات إِلَى الْكفَّار إِذا امتحن[8] فوجدن مؤمنات. وَأخْبر أَن ذَلِك لَا يحل. وَأمر الْمُؤمنِينَ أَيْضا أَن يمسكوا بعصم الكوافر[9]، وَلَا ينكحوا المشركات، يَعْنِي الوثنيات، حَتَّى يُؤمن.

[1] ذُو الحليفة: مِيقَات أهل الْمَدِينَة كَمَا سلف وَهِي على بعد سَبْعَة أَمْيَال مِنْهَا.
[2] مسعر حَرْب: موقد حَرْب.
[3] سيف الْبَحْر: ساحله.
[4] الْعيص وَذُو الْمَرْوَة: من أَرض جُهَيْنَة.
[5] على رفاقهم: أَي على الْمُسَافِرين مِنْهُم.
[6] وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فَإِن علمتموهن مؤمنات فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا} .
[7] انْظُر أَوَائِل هَذِه السُّورَة.
[8] كَانَ الامتحان أَن تستحلف الْمَرْأَة المهاجرة أَنَّهَا مَا هَاجَرت ناشزا وَلَا هَاجَرت إِلَّا لله وَرَسُوله. فَإِذا حَلَفت لم ترد. ورد صَدَاقهَا إِلَى بَعْلهَا. انْظُر الرَّوْض الْأنف 2/ 230.
[9] وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى بِنَفس الْآيَة السالفة: {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} . والعصم: جمع عصمَة، وَهِي الْحَبل وَالسَّبَب. وَكَانَ مِمَّن طلق عمر بن الْخطاب، طلق امْرَأَته قريبَة بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَتَزَوجهَا بعده مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وهما على شركهما بِمَكَّة، وطلق أم كُلْثُوم الْخُزَاعِيَّة وَهِي أم ابْنه عبد الله فَتَزَوجهَا أَبُو جهم بن حُذَيْفَة بن غَانِم رجل من قومه وهما على شركهما.
نام کتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير نویسنده : ابن عبد البر    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست