نام کتاب : الرسالة المحمدية نویسنده : الندوي، سليمان جلد : 1 صفحه : 45
الكلام على الأناجيل من ناحية التّاريخ:
وأحوال عيسى عليه السلام وسيرته مكتوبة في الأناجيل، والأناجيل كما تعلمون- كثيرة، غير أنّ أكثرية المسيحيين اقتصرت على أربعة أناجيل. أما (إنجيل الطفولة) و (إنجيل برنابا) وغيرهما فلا يعتبرونهما، ومع ذلك فإنّ الأناجيل الأربعة التي اقتصروا عليها لم يلق أحد من الذين جمعوها سيدنا عيسى عليه السلام، وإذا تساءلنا: عمّن رووا هذه الأناجيل؟
نجد التاريخ يجهل ذلك كلّ الجهل. ويزداد المرء شكا إذا توصل إلى حقيقة أخرى، وهي أنّ الرجال الأربعة المنسوبة إليهم هذه الأناجيل الأربعة لا يمكن القطع يقينا بأنهم هم الذين جمعوها في الواقع. فإذا كان الأشخاص المنسوبة إليهم هذه الأناجيل لا يطمئن التاريخ إلى صدورها عنهم فكيف يطمئن إلى صحّتها؟
وزاد الطين بلّة أنّنا لا نعلم يقينا اللغة التي كتبت بها هذه الأناجيل في الأصل، وفي أيّ زمان كتبت. فقد اختلف مفسرو الأناجيل اختلافا شديدا في تعيين زمان جمعها، وتدوينها، فمن قائل: إنها كتبت سنة 60 للميلاد، ومن قائل: إنها جمعت بعد ذلك التاريخ بكثير. وذهب بعض نقدة العلماء الأمريكيين مذهبا بعيدا مستغربا في أمر المسيح، وولادته، ووفاته، ودين التثليث، فأنكر ذلك الناقد الأمريكي وجود المسيح عليه السلام قائلا: إن هذا كلّه من الأساطير، وإنّ ما ذكروه عنه إنما هو بقية من بقايا وثنية الرّوم واليونان؛ إذ أنّ تلك الأمم كانت تدين بمثل هذه الأفكار والعقائد في آلهتهم وأبطالهم القدماء. وقد استمرّ الجدال أشهرا حول وجود عيسى عليه السلام في مجلّة (روبن كورت) التي تطبع في شيكاغو [1] ، ودار البحث عمّا إذا كان للمسيح وجود تاريخيّ أم هو مما ابتدعته أوهام القدماء من الأمم السالفة، واختلقته اختلاقا. أليس كلّ هذا مما يوهن الأمر فيما يتعلّق بعض سيرة المسيح عليه السلام، وموقف التاريخ من ذلك؟ ونعود [1] شيكاغو (Chicago) مدينة أميركية.
نام کتاب : الرسالة المحمدية نویسنده : الندوي، سليمان جلد : 1 صفحه : 45