responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 124
حَتَّى أَصْبَحَ كَئِيبًا حَزِينًا سَاقِطًا غَبُوقُهُ عَلَى صَبُوحِهِ، مَا يُكَلِّمُنَا وَلَا نُكَلِّمُهُ.
ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرْحَلُ؟ قُلْتُ: وَهَلْ بِكَ مِنْ رَحِيلٍ؟ قَالَ نعم.
فرحلنا فسرنا بذلك لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ: أَلَا تَحَدَّثُ يَا أَبَا سُفْيَانَ؟ قُلْتُ
وَهَلْ بِكَ مِنْ حَدِيثٍ؟ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَجَعْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِكَ.
قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَلِك لشئ لست فِيهِ، إِنَّمَا ذَلِك لشئ وَجِلْتُ مِنْهُ مِنْ مُنْقَلَبِي.
قُلْتُ: وَهَلْ لَكَ مِنْ مُنْقَلَبٍ؟ قَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، لَأَمُوتَنَّ ثُمَّ لاحيين.
قَالَ: قلت: هَل أَنْت قَابل أمانى [1] ؟ قَالَ: عَلَى مَاذَا؟ قُلْتُ: عَلَى أَنَّكَ لَا تُبْعَثُ وَلَا تُحَاسَبُ.
قَالَ: فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ يَا أَبَا سُفْيَانَ، لَنُبْعَثَنَّ ثُمَّ لَنُحَاسَبَنَّ وَلَيَدْخُلَنَّ فَرِيقٌ الْجَنَّةَ وَفَرِيقٌ النَّارَ.
قُلْتُ: فنفى أَيِّهِمَا أَنْتَ أَخْبَرَكَ صَاحِبُكَ؟ قَالَ لَا عِلْمَ لِصَاحِبِي بِذَلِكَ، لَا فِيَّ وَلَا فِي نَفْسِهِ.
قَالَ: فَكُنَّا فِي ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ، يَعْجَبُ مِنِّي وَأَضْحَكُ مِنْهُ، حَتَّى قَدِمْنَا غُوطَةَ دِمَشْقَ، فَبِعْنَا مَتَاعَنَا وَأَقَمْنَا بِهَا شَهْرَيْنِ.
فَارْتَحَلْنَا حَتَّى نَزَلْنَا قَرْيَةً مِنْ قُرَى النَّصَارَى، فَلَمَّا رَأَوْهُ جَاءُوهُ وَأَهْدَوْا لَهُ وَذَهَبَ مَعَهُمْ إِلَى بَيْعَتِهِمْ، فَمَا جَاءَ إِلَّا بَعْدَ مُنْتَصَفِ النَّهَارِ، فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ وَذَهَبَ إِلَيْهِمْ، حَتَّى جَاءَ بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَطَرَحَ ثَوْبَيْهِ وَرَمَى بِنَفْسِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فو الله مَا نَامَ وَلَا قَامَ.
وَأَصْبَحَ حَزِينًا كَئِيبًا لَا يُكَلِّمُنَا وَلَا نُكَلِّمُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا ترحل؟ قلت: بلَى إِن شِئْت.

[1] المطبوعة: أمانتى، وَهُوَ خطأ.
(*)
نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست