نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : الندوي، أبو الحسن جلد : 1 صفحه : 406
فيهم جعفر بن أبي طالب، وذلك سنة خمس من النبوّة، ويستبعد أنّه صلى الله عليه وسلم كتب إليه كتابا يدعوه في ذلك الحين، فإنّ الأوضاع لم تكن تسمح بذلك، ولم يكن قد آن أوانه بعد، ولا نعرف أنّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى ملك من الملوك قبل الهجرة يدعوه إلى الإسلام، وغاية الأمر أنّه طلب منه أن يؤوي المسلمين الذين قست عليهم قريش وابن خالدون أنه كان من الأقباط، والمقريزيّ سمّاه «المقوقس الروميّ» فلما هاجم الفرس مصر فرّ حاكم الإسكندرية من قبل البيزنطيين، واسمه) John the Almoner (من الإسكندرية إلى قبرص ومات هناك، فعيّن هرقل مكانه نائبا آخر اسمه «جورج» ، ولعلّه هو الذي يسمّيه العرب ب «جريج» وولّاه رئاسة الكنيسة الملكانية، وقد ذكر بعض المؤرّخين أنّ تعيينه كان في سنة 621 م.
ويرجّح «ألفرد بتلر» مؤلّف كتاب «فتح العرب لمصر» أنّ العرب كانوا يعتقدون أنّ الحاكم الذي كان يحكم مصر من قبل الدولة البيزنطية بعد انتصارها على إيران، كان يلقّب ب «المقوقس» وكان رئيس الكنيسة وحاكم مصر في وقت واحد، فأطلقوا على جورج الذي كان نائبا عن الدولة بهذا اللقب، ويرجّح أن «المقوقس» لقب لا علم، وقد ردّ هذا الاسم إلى أصول قبطية، ويمكن أن أسقفا قبطيا تسلّم زمام الحكم، ورئاسة الكنيسة عند استيلاء الفرس على مصر، وقد انسحبت القوات الإيرانية عن مصر في سنة 627 م، ولكن لم توقّع وثيقة الصلح إلّا في سنة 628 م، فيمكن أنّ كتاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس وصل إليه في هذه الفترة، حين كان الحاكم المصريّ شبه مستقل [1] ولذلك خاطبه النّبيّ صلى الله عليه وسلم ب «عظيم القبط» .
وقد كانت مصر من أغنى ولايات الدولة البيزنطيّة، وأكثرها خصوبة وإنتاجا وسكّانا، وكانت تموّن العاصمة بالمواد الغذائية، وقد وصفها فاتح مصر عمرو بن العاص (م 63 هـ) وقد دخلها بعد أن مضى على كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس 14 عاما، في كتابه الذي كتبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- بقوله: «مصر تربة غبراء وشجرة
Appendix -C -P. 805 -045 [1] راجع «فتح العرب لمصر» لألفرد بتلر، وقد ورد اسم هذا الحاكم في بعض الكتب الجزكيروس أو قيرس.
فيهم جعفر بن أبي طالب، وذلك سنة خمس من النبوّة، ويستبعد أنّه صلى الله عليه وسلم كتب إليه كتابا يدعوه في ذلك الحين، فإنّ الأوضاع لم تكن تسمح بذلك، ولم يكن قد آن أوانه بعد، ولا نعرف أنّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى ملك من الملوك قبل الهجرة يدعوه إلى الإسلام، وغاية الأمر أنّه طلب منه أن يؤوي المسلمين الذين قست عليهم قريش
واضطهدوهم.
ويستأنس من الأخبار التي رواها ابن هشام وغيره في كتب السيرة أنّه دخل الإيمان في قلبه، وآمن بأنّ عيسى ابن مريم- عليه الصلاة والسلام- هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم.
أمّا النّجاشيّ الذي كتب له النّبيّ صلى الله عليه وسلم كتابا يدعوه إلى الإسلام، فهو كما مال إليه الحافظ ابن كثير هو النجاشيّ الذي ولّي بعد المسلم صاحب جعفر بن أبي طالب، يقول ابن كثير: «وذلك حين كتب إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الله قبل الفتح» ، ونرجّح أنه هو الذي أسلم ونعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين، وصلى عليه، وقد ذكر الأبيّ عن الواقديّ وغيره من أهل السير:
«أنّه النجاشيّ الذي صلّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في رجب سنة تسع منصرف تبوك» [1] .
وبذلك يحصل التوفيق بين الروايات المختلفة، وتدلّ عليه القرائن والدراية، والله أعلم.
كيف تلقّى هؤلاء الملوك هذه الرسائل الكريمة؟
فأمّا «هرقل» و «النّجاشي» و «المقوقس» فتأدّبوا، ورقّوا في جوابهم، [1] [أخرجه مسلم في كتاب الجهاد، باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الإسلام، برقم (1774) ، والترمذي في أبواب الاستئذان، باب مكاتبة المشركين، برقم (2716) من حديث أنس رضي الله عنه] .
نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : الندوي، أبو الحسن جلد : 1 صفحه : 406