نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 148
وفي رواية البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمره الله تعالى أن يخير أزواجه, فبدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إني ذاكر لك أمرًا، فلا عليك أن تسعجلي حتى تستأمري أبويك"، وقد علم أن أبوي، لم يكونا يأمراني بفراقه ثم تلا عليّ الآيات.
فقلت له: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة[1].
لقد جاء القرآن الكريم ليحدد القيم الأساسية في تصور الإسلام للحياة. هذه القيم التي ينبغي أن تجد ترجمتها الحية في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وحياته الخاصة، وأن تتحقق في أدق صوره، وأوضحها في هذا البيت الذي كان وسيبقى منارة للمسلمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ونزلت آيتا التخيير تحددان الطريق، فإما الحياة الدنيا وزينتها، وإما الله ورسوله والدار الآخرة, فالقلب الواحد لا يسع تصورين للحياة، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.
ونحب أن نقف أمام هذا الحادث نتدبر بعض العبر2:
1- إنه يحدد التصور الإسلامي الواضح للقيم، ويرسم الطريق الشعوري للإحساس بالدنيا والآخرة، ويحسم في القلب المسلم كل أرجحة، وكل لجلجة، بين قيم الدنيا وقيم الآخرة، بين الاتجاه إلى الأرض والاتجاه إلى السماء، ويخلص هذا القلب من كل وشيجة غريبة تحول بينه وبين التجرد لله؛ لأن الخلوص يجب أن يكون له سبحانه وتعالى وحده دوه سواه.
2- يصور لنا هذا الحادث حقيقة حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين عاشوا معه واتصلوا به، وأجمل ما في هذه الحقيقة أن تلك الحياة كانت حياة إنسان، وحياة ناس من البشر، لم يتجردوا من بشريتهم ومشاعرهم، وسماتهم الإنسانية مع كل تلك العظمة الفريدة البالغة التي ارتفعوا إليها، ومع هذا الخلوص لله والتجرد مما عداه، فالمشاعر [1] صحيح البخاري ك النكاح ج7 ص376 ط الأوقاف.
2 انظر في ظلال القرآن ج5 ص2855 بتصرف يسير.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 148