نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 105
وكما وصل خبر ظهور نبي إلى أقصى الشمال وصل كذلك إلى أقصى الجنوب، فلقد روي الأزرقي أنه لما ذهبت القبائل العربية لتهنئة حمير أفضى سيف بن ذي يزن لعبد المطلب بما علمه من كتبه، من أن نبيا سوف يظهر في العرب يضمن الزعامة لقريش إلى يوم القيامة[1].
وهكذا ظهرت ملامح النبوة المحمدية في عقول الناس، وفي كثير من الأماكن، وهذه الملامح في حد ذاتها تمهد للدعوة، وتدعو إلى استماعها بشوق، خاصة وقد وقعت أحداث كثيرة، جعلت الناس يرجون التغيير على يد هذا الرسول المنتظر الذي كاد أن يلمس في طفولته؛ لوضوح صفته في الكتب السابقة، بل إن بحيرى الراهب عرفه وهو صغير، يروي ابن هشام قاصا ما حدث من بحيرى فيذكر أنه أعد طعاما لقافلة قريش، وفيها أبو طالب، ومحمد -وهو صغير- ودعاهم فحضروا جميعا إلا محمدا؛ لصغر سنه، لكن بحيرى أصر على حضوره، فلما حضر أخذ يسأله عن أشياء كثيرة، وأخيرا قال لعمه أبي طالب: ارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم، فأسرع به إلى بلاده[2]، ولا غرابة في تحديد بحيرى للنبي صلى الله عليه وسلم في طفولته؛ لأنه ممن يعرف صفته الموجودة في التوراة والإنجيل.
إن عديدا من الرهبان في أديرتهم، والقسس في كنائسهم، كانوا يدركون هذه الحقيقة، ويتحدثون بها لمن يمر بهم، وفي مكة نفسها كان كعب بن لؤي بن غالب يذكر بالنبوة ويبشر بها أهل مكة ويقول لهم: "زينوا حرمكم وعظموه فسيأتي له نبأ عظيم وسيخرج منه نبي كريم"[3].
إن تجمع انتظار رسول الله جديد، مع موجة النقد السائدة ضد العقائد، والمذاهب على يد الحنفاء، وأتباع أريوس "والبوذية"، مع وجود الصراع والتنافس [1] أخبار مكة ج1 ص94، 95، 96. [2] سيرة النبي ج1 ص194-196 بتصرف. [3] بلوغ الأرب ج1 ص271.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 105