نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 143
وعلى هذا فآباء النبي صلى الله عليه وسلم القريبون كانوا من الحنفاء، على أقل تقدير، وليس بضروري أن يكونوا على رسالة دينية كاملة "عقيدة وشريعة"، وأما الأبوان الشريفان فهما من أهل الفترة بإجماع؛ لتأخر زمانهما، وبعد ما بينهما وبين الأنبياء السابقين[1]، فآخر نبي بعث للعرب هو إسماعيل، وبينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة آلاف سنة، ولم يعمرا طويلا، وكان العرب في جهل بالنسبة للرسالة لدرجة أنهم تعجبوا حين بعث الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وقالوا ما حكاه الله تعالى: {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [2]، وقالوا أيضا ما حكاه الله تعالى: {قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [3]، وقد صور الله تعالى أحوالهم متعجبا فقال تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُون} [4].
وهذا محمد صلى الله عليه وسلم لما حبب إليه الخلاء، كان يذهب إلى غار حراء يتعبد فيه الليالي ذوات العدد، وكانت عبادته على ما بقي من دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام؛ إذ لا سبيل له إلى غير ذلك.
إن تباعد الزمان بين رسالة إسماعيل عليه السلام وآباء النبي القريبين غيب عنهم حقيقة رسالة الله بكمالها وتمامها؛ ولكنهم تمسكوا بما أبقاه الله بينهم، فلم يعبدوا غير الله، ولم يشركوا معه إلها آخر.
ومن هنا نرى أن توحيد الحنفاء كافٍ في القول بإيمان آباء رسول الله صلى الله عليه وسلم. [1] أرجح الرأي القائل بأن أبا النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الفترة على الآراء الأخرى، هذا وقد فصل السيوطي الآراء كلها بأدلتها في كتابه الحاوي. [2] سورة الإسراء آية 94. [3] سورة فصلت آية 14. [4] سورة المؤمنون آية 69.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 143