نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 161
إن العقل له أن يفكر في قول الرسول إنه رسول، فإذا ثبت لديه صدق الرسول فالنتيجة الحتمية الموافقة لأي منهج عقلي، أن يؤمن بكل ما صدر عن ذلك الرسول، بدون تدخل للعقل؛ لأن الرسالة مستمدة من الله عز وجل، وقدرة الله صالحة لكل فعل خالف العقل أو توافق معه، وذلك هو جوهر القياس العقلي الذي أجراه أبو بكر أمام المشركين، لقد قال لهم: إنه يقول لي: إن الخبر يأتيه من السماء في لحظة فأصدقه، فأي غرابة في منطق العقل والعلم أن يصدقه بعد ذلك في أنه قد أسري به إلى بيت المقدس ما دامت القدرة التي أنجزت هذا الفعل هي قدرة الله عز وجل.
فليخجل أتباع المدرسة العقلية من أنفسهم، وليتعلموا ذلك الدرس العظيم على يد أبي بكر في كيفية استخدام العقل[1].
يقول ابن عطاء الله السكندري: زار بعض السلاطين ضريح أبي يزيد رضي الله عنه وقال: هل هنا أحد ممن اجتمع بأبي يزيد؟
فأشير إلى شيخ كبير في السن كان حاضرا هناك.
فقال له: هل سمعت شيئا من كلام أبي يزيد؟
فقال: نعم سمعته يقول: "من زارني لا تحرقه النار".
فاستغرب السلطان ذلك الكلام، فقال: كيف يقول أبو يزيد ذلك، وأبو جهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم وتحرقه النار؟
فقال ذلك الشيخ للسلطان: أبو جهل لم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم، إنما رأى "يتيم أبي طالب"، ولو رآه صلى الله عليه وسلم رسولا لم تحرقه النار.
ففهم السلطان كلامه، وأعجبه هذا الجواب منه، أي: إنه لم يره بالتعظيم والإكرام والأسوة واعتقاد أنه رسول الله، ولو رآه بهذا المعنى لتغير حاله، لكنه رآه باحتقار، واعتقاد أنه "يتيم أبي طالب"، فلم تنفعه تلك الرؤية. [1] السيرة النبوية ص57، 58.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 161