نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 591
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} .. وهذا شيء طبيعي يتفق مع غريزة الإنسان في الانتقام والانتصار، إلا أن الأسمى من الانتصار هو أن يكون المرء حليما يعفو عند الإساءة، فقال تعالى عقب هذا الجزاء المثلى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ، وكون الأجر على الله يختم العفو إلى درجة كبيرة.
ولضرورة هذه الصفة للداعية أمر الله رسوله بها فقال له: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [1]، وقاله له: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [2].
وعلى الدعاة أن يهتموا بالحلم والعفو ليصلوا إلى غرضهم، ولا يجعلوا همهم الغضب والانتقام؛ لأن ذلك ينفر المدعوين منهم ولا يحببهم في استماع الدعوة وتفهمها، يقول الإمام الغزالي: "أما حسن الخلق بعد العلم والورع فضرورة؛ ليتمكن من اللطف والرفق، وهو أصل الباب وأسلمه، والعلم والورع لا يكفيان فيه، فإن الغضب إذا هاج لم يكف مجرد العلم والورع في قمعه ما لم يكن في الطبع قبوله، وعلى التحقيق فلا يتم الورع إلا مع حسن الخلق، ومقدرة صاحبه على ضبط نفسه وقت الشدة والغضب، وبه يصبر الداعي على ما أصابه من دين الله، وإلا فإذا أصيب عرضه أو ماله أو نفسه نسي الدعوة، وغفل عن دين الله، واستغل بنفسه، بل ربما يقدم عليه ابتداء لطلب الجاه والاسم"[3].
يقول الشيخ ابن علوي الحداد: "على الدعاة أن يكونوا على نهاية من: الصبر، والاحتمال، وسعة الصدر، ولين الجانب، وخفض الجناح، وحسن التأليف، وإن دخل عليهم شيء من أذى الجاهلين، عليهم أن يصبروا، ويعرضوا، ويقولوا خيرا؛ لأنهم من عباد الرحمن الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"[4]. [1] سورة الأعراف الآية 199. [2] سورة المائدة الآية 13. [3] الدعوة التامة ص9. [4] الإحياء ج2 ص292.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 591