نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 595
"هذه الحياة الدنيا ليست دار التمتع الكلي، ولكنها فترة مؤقتة تنبني عليها كل سعادة الآخرة" {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [1]، وبذلك فليس الهدف منها التلذذ من الشهوات والمطعم، وليس هو شأن المؤمنين أبدا، أما الكافرون فإنهم {يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ} [2]، وبهذا الزهد لا يكون المؤمن منعما في تصرفه، وفي الوقت نفسه لا يحرم من الدنيا {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} .
هذه الحقائق ترسخ في نفس الداعية فيعطي بلا حد، ويعلم أن الله سيخلفه ويعوض عليه بالنجاح في دعوته.
4- الكرم والسخاء:
والكرم والسخاء صفة من أهم صفات الداعية؛ حيث تقرب القلوب النافرة وتمهد العقول للطاعة؛ ولذلك كان من أُولَى الأوامر الأخلاقية للرسول صلى الله عليه وسلم {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [3] أي: لا تعطِ مستكثرا ما أعطيت للناس، فنجده صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى فاقة، وكان كما وصفه ابن عباس "أجود الناس"[4]، ولم يقل صلى الله عليه وسلم "لا" عن شيء سئل فيه[5]، ولا يكفي في الكرم العطاء المادي وقت وجود المال، فـ"ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غني النفس"[6]، بل لا بد من نفس كريمة استجمعت كل خواص الكرم وأصالته في كافة حالاتها. [1] سورة الشعراء الآية 215. [2] رياض الصالحين ص174. [3] سورة المدثر الآية 6. [4] صحيح مسلم ج7 ص73. [5] صحيح مسلم ج7 ص73. [6] صحيح البخاري ج8 ص118.
نام کتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي نویسنده : غلوش، أحمد أحمد جلد : 1 صفحه : 595