الزهري، أستاذ إمام المؤلفين في السيرة النبوية وعمدتهم، محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي.
ولقد اشتهر أبان بن عثمان بالمغازي والسير -فوق شهرته في الفقه والحديث- حتى أصبح من أساتذة هذا الفن الحائزين على ثقة العلماء، فقد قال ابن سعد في الطبقات، وهو يترجم للمغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، قال عنه: "كان ثقة قليل الحديث، إلا مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذها عن أبان بن عثمان"[1].
فهذا الخبر على وجازته يؤكد أستاذية أبان بن عثمان في المغازي والسير، فقد كان الحديث والمغازي والسير من أحب الأشياء إلى أهل المدينة، ولعل ابتعاد أبان عن الاشتغال بالسياسة -باستثناء الفترة التي عمل فيها واليًا على المدينة من سنة 75 إلى سنة 83هـ -في خلافة عبد الملك بن مروان- أقول: لعل ابتعاده عن السياسة -وقد عمر طويلًا حيث نيف على الثمانين عامًا- قلته من التفرغ للعلم، درسًا تدريسًا، وإذا كانت مؤلفاته قد ضاعت -فما ضاع أو تلف من تراث الإسلام.
ولم تصل أبدًا، فقد بقيت لنا -من حسن الحظ- رواياته وآراؤه في المصادر التي وصلتنا بروايات تلاميذه. [1] انظر الطبقات الكبرى لابن سعد جـ5 ص179.