نام کتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس نویسنده : الدِّيار بَكْري جلد : 1 صفحه : 243
من بناء بيت المقدس عزم الى الخروج الى أرض الحرم فتجهز للمير واستصحب من الانس والجنّ والشياطين والطيور والوحوش ما يبلغ معسكره مائة فرسخ فحملتهم الريح فوافى الحرم وحج وأقام به ما شاء الله وكان ينحر كل يوم طول مقامه خمسة آلاف ناقة ويذبح خمسة آلاف ثور وعشرين ألف شاة وقال لمن حضره من أشراف قومه هذا مكان يخرج منه نبى عربى صفته كذا وكذا يعطى النصرة على جميع من ناواه وتبلغ هيبته مسيرة شهر القريب والبعيد فى الحق عنده سواء لا تأخذه فى الله لومة لائم قال فقالوا فبأىّ دين يدين يا نبىّ الله فقال يدين بدين الحنيفية وطوبى لمن أدركه وآمن به فقالوا كم بين خروجه وبين زماننا يا نبىّ الله قال مقدار ألف عام فليبلغ الشاهد منكم الغائب فانه سيد الانبياء وخاتم الرسل قال فأقام بمكة حتى قضى نسكه ثم خرج من مكة صباحا وسار نحو اليمن فوافى صنعاء وقت الظهيرة والزوال وذلك مسيرة شهر فرأى أرضا حسناء تزهو خضرتها فأعجبته نزاهتها فأحب النزول ليصلى يتغدّى فنزل سليمان ودخل وقت الصلاة وكان نزل على غير ماء فسأل الانس والجنّ والشياطين عن الماء فلم يعلموا فتفقد الهدهد وكان الهدهد رائده وقافيه لانه يحسن طلب الماء*
قصة الهدهد
عن ابن عباس الهدهد يرى الماء من تحت الارض كما يرى الماء فى الزجاجة ويعرف قربه وبعده فينقر الارض ثم تجىء الشياطين فيلجونه فيستخرجون الماء فتفقده لذلك* قال سعيد بن جبير فلما ذكر ابن عباس هذا قال له نافع بن الازرق يا وصاف انظر ما تقول ان الصبى منا يضع الفخ ويحثو عليه التراب فيجىء الهدهد ولا ينظر الفخ حتى يقع فى عنقه فقال له ابن عباس ويحك ان القدر اذا جاء حال دون البصر* وفى رواية اذا نزل القضاء والقدر ذهب اللب وعمى البصر وكان الهدهد حين نزل سليمان قال ان سليمان قد اشتغل بالنزول فارتفع الى السماء وانظر الى طول الارض وعرضها فارتفع فنظر يمينا وشمالا فرأى بستانا لبلقيس فمال الى الخضرة فوقع فيه فاذا بهدهد فهبط عنده وكان اسم هدهد سليمان يعفور واسم هدهد اليمن عنفير فقال عنفير اليمن ليعفور سليمان من أين أقبلت وأين تريد قال أقبلت من الشام مع صاحبى سليمان ابن داود قال ومن سليمان قال ملك الجنّ والانس والشياطين والطير والوحوش والرياح فمن أين أنت قال أنا من هذه البلاد قال ومن ملكها قال امرأة يقال لها بلقيس فان كان لصاحبك ملك عظيم فليس ملك بلقيس دونه فانها ملكة اليمن كلها وتحت يدها اثنا عشر قائدا تحت كل قائد مائة ألف مقاتل فهل أنت منطلق معى حتى تنظر الى ملكها قال أخاف أن يتفقدنى سليمان فى وقت الصلاة اذا احتاج الى الماء* قال الهدهد اليمانى ان صاحبك يسرّه أن تأتيه بخبر هذه الملكة فانطلق ونظر الى بلقيس وملكها وما رجع الى سليمان الا وقت العصر* وفى رواية كان سبب تفقده الهدهد وسؤاله عنه اخلاله بالنوبة وذلك ان سليمان كان اذا نزل منزلا يظله وجنده الطير من الشمس فأصابته الشمس من موضع الهدهد* وفى المدارك وقعت نفحة من الشمس على رأس سليمان فنظر فرأى موضع الهدهد خاليا فدعا عريف الطير وهو النسر فسأله فقال أصلح الله الملك ما أدرى أين هو وما أرسلته مكانا فغضب سليمان عند ذلك وقال لا عذبنه عذابا شديدا الآية* واختلفوا فى العذاب الذى أوعده به فأظهر الاقاويل بنتف ريشه وذنبه والقائه فى الشمس أو حيث النمل تأكله* وقال مقاتل بن حبان بتطليته بالقطران وتشميه وقيل بالتفريق بينه وبين الفه وقيل بالزامه خدمة أقرانه وقيل بالحبس مع أضداده وقيل أضيق السجون معاشرة الاضداد وقيل بايداعه القفص وحل له تعذيب الهدهد لما رأى فيه من المصلحة ثم دعا سليمان العقاب سيد الطير فقال علىّ بالهدهد الساعة فرفع العقاب نفسه دون السماء حتى التزق بالهواء فنظر الى الدنيا كالقصعة بين يدى أحدكم ثم التفت يمينا وشمالا فاذا هو بالهدهد مقبل من نحو اليمن فانقض العقاب نحوه يريده فلما رأى الهدهد ذلك علم أن العقاب يقصده بسوء
نام کتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس نویسنده : الدِّيار بَكْري جلد : 1 صفحه : 243