نام کتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس نویسنده : الدِّيار بَكْري جلد : 1 صفحه : 44
الفعل تحية له لا عبادة له لانه لا عبادة الا لله تعالى وقال قتادة كان خدمة لله تعالى حرمة لآدم كصلاة الجنازة عبادة لله تعالى دعاء للميت وقيل معناه اسجدوا لاجل آدم أى شكرا لما خلق من خلق جديد وأصح ذلك كله أنه كان تحية لآدم على الخصوص ولو كان عبادة لله تعالى وآدم قبلة فى ذلك لما استكبر ابليس وانما كان تحية له وتعظيما له خاصة فلم ير له ابليس ذلك الاستحقاق فامتنع عنه واختلف أيضا فى أن الامر كان خطابا من الله للملائكة من غير واسطة أو كان بواسطة رسول من الله اليهم* واختلف فى أن هذا النوع من السجود الذى هو تحية وتعظيم لآدم هل كان مباحا لغير آدم بحال قيل ما كان مباحا لغيره كما لم يجب لغيره وقيل كان مباحا لغير آدم الى زمن يعقوب قال تعالى وخرّوا له سجدا وكان آخر من فعل له ذلك ثم نسخ وقيل بل بقى الى زمن النبىّ صلّى الله عليه وسلم حتى سجدت له الشجرة والجمل وقال له أصحابه نحن أحق بالسجود لك من هذه الاشياء فنعهم عن ذلك وقال لا ينبغى لمخلوق أن يسجد الا لله تعالى ولو أمرت أحدا أن يسجد لاحد لامرت الزوجة أن تسجد لزوجها* واختلف أيضا فى معنى الامر بذلك والحكمة فيه قيل هو لبيان فضيلة العلم واستحقاق العالم خدمة غيره له وقيل هو لبيان ضرر الطعن فى الغير وقيل هو لبيان استغنائه عن عبادتهم اياه وانكاره عليهم قولهم ونحن نسبح بحمدك ونقدّس لك فقال لهم لا حاجة لى الى عبادتكم فاخدموا عبدا من عبادى لم يعمل كثير عمل* قال وهب ابن منبه أوّل من سجد لآدم جبريل فأكرمه الله بانزال الوحى على النبيين خصوصا على سيد المرسلين ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم عزرائيل ثم سائر الملائكة وقيل أوّل من سجد لآدم اسرافيل فرفع رأسه وقد ظهر القرآن كله مكتوبا على جبهته كرامة له على سبقته على الائتمار* وأما موضع السجود فقد قيل كان فى الارض وقيل كان فى السماء وأما الوقت فقد قيل كما نفخ فيه الروح سجدوا له لقوله تعالى فاذا سوّيته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين والفاء للتعقيب وقيل بل كان بعد انباء آدم للملائكة بالاسماء واظهار فضله عليهم وايجاب خدمتهم له بسبب العلم وظاهر نظم الآية فى سورة البقرة يدل عليه* وفى تفسير شفاء الصدور لابى بكر النقاش عن بعضهم أنه قال كان سجود الملائكة لآدم مرّتين مرّة كما خلق بدليل قوله فقعوا له ساجدين ومرّة بعد ظهور فضله عليهم بعد العلم بالاسماء بدليل ما فى سورة البقرة وهذا قول تفرّد به هذا القائل ولم يوافقه أحد من المفسرين وقالوا لم يكن ذلك الامرّة واحدة والاظهر هو السجود بعد الانباء بالاسماء فأما الفاء فقد تكون للتعقيب مع التراخى كما فى قوله تعالى فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما كان ذلك بعد مدّة وكذا قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه كان بعد مائتى سنة وأما مدّة السجود فقد قيل سجدوا فمكثوا فى سجودهم خمسمائة عام والسجود يتأدّى منا بالوضع وان قلّ وهذا التخفيف لاحد أمرين اما لضعفنا واما لعزنا قال الله تعالى خلق الانسان ضعيفا وقال ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين فكأنه قال أنت ضعيف فلا أكلفك فوق طاقتك وأنت عزيز فلا أرضى مشقتك فلما رفعوا رؤسهم من السجود بعد خمسمائة سنة رأوا آدم أدخل الجنة فتعجبوا فسجدوا مرّة أخرى وهذه السجدة كانت لله فمكثوا فى سجودهم خمسمائة سنة أيضا فلما رفعوا رؤسهم ورأوا آدم قد أهبط الى الارض وتوفى ودفن فى لحده قالوا الهنا وسيدنا مات آدم مع عزه وكرامته فأجيبوا كل نفس ذائقة الموت ومن ذلك الوقت الى يومنا هذا قريب من سبعة آلاف سنة لم يرقأ لهم دمع* وفى ليلة المعراج وجد النبىّ صلى الله عليه وسلم أهل السموات فى البكاء*
قصة اباء ابليس
وأما قصة اباء ابليس فلما أمر الله الملائكة بالسجود وسجدوا امتنع ابليس فلم يتوجه الى آدم بل أعرض عنه وولاه ظهره وانتصب هكذا الى أن سجدوا ووقفوا فى سجودهم مائة سنة وفى رواية خمسمائة سنة ورفعوا رؤسهم وهو قائم معرض لم يندم
نام کتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس نویسنده : الدِّيار بَكْري جلد : 1 صفحه : 44