responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 131
لِزُهْدِهِ وَكَثْرَةِ زِيَارَةِ الْمَقَابِرِ، وَقِيلَ: كَانَ يَحْفَظُ مَقْبَرَةَ ابْنِ دِينَارٍ، رَوَى عَنْهُ السِّتَّةُ وَهُوَ تَابِعِيٌّ ; لِأَنَّهُ يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ) بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا، وَبِالْجِيمَيْنِ وَالرَّاءِ فِي أَخِيرِهِمَا، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ (أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ رَأَيْتُكَ) أَيْ أَبْصَرْتُكَ حَالَ كَوْنِكَ (تَلْبَسُ النِّعَالَ) أَيْ تَخْتَارُ لُبْسَهَا (السِّبْتِيَّةِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ مَنْسُوبَةٌ إِلَى السِّبْتِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ الْمَدْبُوغَةُ وَنَقَلَهُ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّهَا هِيَ الَّتِي حُلِقَتْ عَنْهَا شَعْرُهَا وَأُزِيلَتْ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ السَّبْتِ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْقَطْعَ، فَالْحَلْقُ بِمَعْنَاهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي، قَالَ الْحَنَفِيُّ: وَإِنَّمَا اعْتُرِضَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا نِعَالُ أَهْلِ النِّعْمَةِ وَالسَّعَةِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْ ثَمَّةَ لَمْ يَلْبِسْهَا الصَّحَابَةُ، كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ السَّائِلَ قَالَ لَهُ: رَأَيْتُكَ تَفْعَلُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ، لَمْ يَفْعَلْ أَصْحَابُنَا، وَعَدَّ هَذِهِ مِنْهَا.
أَقُولُ: الْأَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَ السَّائِلِ مِنْهُ أَنْ يَعْرِفَ مَا الْحِكْمَةُ فِي اخْتِيَارِهِ إِيَّاهَا وَمُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ الصَّحَابَةَ مَا كَانُوا يَتَقَيَّدُونَ بِنَوْعٍ مِنَ اللُّبْسِ أَوِ الْأَكْلِ إِلَّا مَا فِيهِ الْمُتَابَعَةُ وَالِاقْتِدَاءُ، وَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَابِسَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ فَانْدَفَعَ مَا قَالَ الْعِصَامُ مِنْ أَنَّ مَسَاقَ الْكَلَامِ يُفِيدُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ حِينَ التَّخَاطُبِ لَابِسَ النَّعْلِ السِّبْتِيَّةِ، فَقَالَ مَا فِي الْجَوَابِ عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّلِ، وَكَذَا بَطَلَ مَا تَعَقَّبَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّرْكَ حِينَ السُّؤَالِ لَا يَسْتَدْعِي التَّرْكَ الْمُطْلَقَ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَيُحْمَلُ تَرْكُهَا لِعُذْرٍ، كَعَدَمِ وِجْدَانِهَا وَإِلَّا فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى ارْتِكَابِ الْمُبَاحِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ فِي جَوَابِهِ (قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي) وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي الَّتِي (لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا) أَيْ فَوْقَهَا أَوْ هُوَ لَابِسُهَا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ حَالَ بَلَلِ الرِّجْلِ لَمْ يَكُنْ يَحْتَرِزُ عَنْهَا، اعْتِمَادًا عَلَى أَصْلِ طَهَارَتِهَا، أَوْ حُصُولِ الطَّهَارَةِ بِدِبَاغَتِهَا، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الشَّعْرَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، وَأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الدِّبَاغُ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ (فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبِسَهَا) أَيْ لِمُتَابَعَةِ الْهَدْيِ، لَا لِمُوَافَقَةِ الْهَوَى، وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ لُبْسِهَا فِي كُلِّ حَالٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُكْرَهُ لُبْسُهَا فِي الْمَقَابِرِ لِحَدِيثِ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي الْمَقَابِرِ وَعَلَيَّ نَعْلَانِ إِذَا رَجُلٌ يُنَادِي مِنْ خَلْفِي، يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، إِذَا كُنْتَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَاحْتَجَّ عَلَى مَا ذُكِرَ وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِخَلْعِهِمَا لِأَذًى كَانَ فِيهِمَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَيِّتَ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ النِّعَالِ فِي الْمَقَابِرِ، قَالَ: وَثَبَتَ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي نَعْلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَازَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِالنَّعْلِ، فَالْمَقْبَرَةُ أَوْلَى، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ إِكْرَامَ الْمَيِّتِ كَمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ
الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ، وَلَيْسَ ذِكْرُ السِّبْتِيَّتَيْنِ لِلتَّخْصِيصِ بَلِ اتَّفَقَ ذَلِكَ، وَالنَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.

(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ) مَرَّ ذِكْرُهُمْ (عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ) بِهَمْزٍ وَيُبْدَلُ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَاسْمُ وَالِدِهِ مُحَمَّدٌ وَاسْمُ

نام کتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست