responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 240
مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ نَعَمْ. قَدْ يُسْتَعْمَلُ الْإِسْقَاءُ لِمَعَانٍ أُخَرَ، عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَلَعَلَّ أَنَسًا عَدَلَ عَنْهُ مَعَ أَنَّ الْأَبْلَغَ فِي الْمَقَامِ مَا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ خَوْفَ الِالْتِبَاسِ، وَقَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِهَذَا الْقَدَحِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ الْقَدَحُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، إِذْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَعَدُّدُ الْقَدَحِ النَّبَوِيِّ عِنْدَ أَنَسٍ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْقَدَحُ الْكَائِنُ مِنَ الْخَشَبِ الْغَلِيظِ بَعْدَ الصُّنْعِ الْمُضَبَّبِ بِحَدِيدٍ، فَالتَّضْبِيبُ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْإِشَارَةِ ; لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الْمَذْكُورِ بِجَمِيعِ خُصُوصِيَّاتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَلِابْنِ حَجَرٍ هُنَا كَلَامٌ بَيْنَ طَرَفَيْهِ تَنَافٍ فِي الْمَعْنَى، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَلَى مَا فِي الْمِشْكَاةِ بِقَدَحِي هَذَا (الشَّرَابَ) أَيْ جِنْسُ مَا يُشْرَبُ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْرِبَةِ (كُلَّهُ) تَأْكِيدٌ وَأَبْدَلَ مِنْهُ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ بَدَلَ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ، اهْتِمَامًا بِهَا وَلِكَوْنِهَا أَشْهَرَ أَنْوَاعِهِ، فَقَالَ: (الْمَاءَ) وَبَدَأَ بِهِ ; لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ الْأَتَمُّ (وَالنَّبِيذَ) وَهُوَ مَاءٌ يُجْعَلُ فِيهِ تَمَرَاتٌ أَوْ غَيْرُهَا، مِنَ الْحَلَوِيَّاتِ كَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَكَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ لِيَحْلُوَ.
«وَكَانَ يُنْبَذُ لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَيَشْرَبُهُ إِذَا أَصْبَحَ يَوْمَهُ ذَلِكَ، وَاللَّيْلَةَ الَّتِي تَجِيءُ وَالْغَدَ إِلَى الْعَصْرِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ سَقَاهُ الْخَادِمَ أَوْ أَمَرَ فَصُبَّ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهَذَا النَّبِيذُ لَهُ نَفْعٌ عَظِيمٌ فِي زِيَادَةِ الْقُوَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ يَشْرَبُهُ بَعْدَ ثَلَاثِ أَيَّامٍ خَوْفًا مِنْ تَغَيُّرِهِ إِلَى الْإِسْكَارِ، (وَالْعَسَلَ) أَيْ مَاءَ الْعَسَلِ ; لِأَنَّهُ يُلْحَسُ وَلَا يُشْرَبُ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ بِالتَّغْلِيبِ، كَذَا ذَكَرُوهُ لَكِنْ قَالَ تَعَالَى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ (وَاللَّبَنَ) .

(بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ فَاكِهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
قَالَ الرَّاغِبُ: الْفَاكِهَةُ هِيَ الثِّمَارُ كُلُّهَا، وَقِيلَ: بَلْ مَا عَدَا التَّمْرَ وَالرُّمَّانَ، وَقَائِلُ هَذَا كَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اخْتِصَاصِهَا بِالذِّكْرِ وَعَطْفِهِمَا عَلَى الْفَاكِهَةِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ وَهُوَ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ، قُلْتُ: الْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ ; وَلِأَنَّ التَّمْرَ غِذَاءٌ وَالرُّمَّانَ دَوَاءٌ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ: هِيَ مَا يُتَفَكَّهُ بِهِ أَيْ يُتَنَعَّمُ بِهِ، وَلَا يُتَغَذَّى بِهِ، كَالطَّعَامِ انْتَهَى. وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ، لَكِنْ تَرَكَهُ لِلْوُضُوحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالزَّايِ مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةِ بَنِي فَزَارَةَ (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِضَمٍّ، وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ مَمْدُودًا (بِالرُّطَبِ) أَيْ مَصْحُوبًا مَعَهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَصْلٌ فِي الْمَأْكُولِ، كَالْخُبْزِ وَالْمُؤَخَّرَ كَالْإِدَامِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَمِينِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِثَّاءً، وَفِي شِمَالِهِ رُطَبًا، وَهُوَ يَأْكُلُ مِنْ ذَا مَرَّةً، وَمِنْ ذَا مَرَّةً، انْتَهَى.
وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَبْدِيلِ مَا فِي يَدَيْهِ ; لِئَلَّا يَلْزَمَ الْأَكْلَ بِالشِّمَالِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الطَّعَامَيْنِ مَعًا، وَالتَّوَسُّعِ فِي الْأَطْعِمَةِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنَ الْخِلَافِ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ اعْتِيَادِ هَذَا التَّوَسُّعِ وَالتَّرَفُّهِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ، لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ مُرَاعَاةِ صِفَاتِ الْأَطْعِمَةِ، وَطَبَائِعِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهَا، عَلَى قَاعِدَةِ الطِّبِّ ; لِأَنَّ فِي الرُّطَبِ حَرَارَةً، وَفِي الْقِثَّاءِ بُرُودَةً، فَإِذَا أُكِلَا مَعًا اعْتَدَلَا، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي الْمُرَكَّبَاتِ مِنَ الْأَدْوِيَةِ، وَمِنْ فَوَائِدِ أَكْلِ هَذَا الْمُرَكَّبِ الْمُعْتَدِلِ تَعْدِيلُ الْمِزَاجِ، وَتَسْمِينُ الْبَدَنِ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «أَرَادَتْ أُمِّي أَنْ تُعَالِجَنِي لِلسِّمَنِ لِتُدْخِلَنِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا اسْتَقَامَ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى أَكَلْتُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ، فَسَمِنْتُ كَأَحْسَنِ السِّمَنِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ التَّمْرُ بِالْقِثَّاءِ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا جُمِعَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدَّمْنَا لَهُ زُبْدًا وَتَمْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ.

نام کتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست