responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 246
أَيْ مَا كَانَ يَشْرَبُهُ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَابُ مَا جَاءَ إِلَخْ (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) أَيِ ابْنُ عُيَيْنَةَ، كَمَا سَيَأْتِي (عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ) أَيِ ابْنِ الزُّبَيْرِ (عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الشَّرَابِ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَقَوْلُهُ: (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مُتَعَلِّقٌ بِأَحَبِّ وَخَبَرُ كَانَ (الْحُلْوُ الْبَارِدُ) وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْعَذْبُ ; لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا، وَهِيَ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الْقَافِ عَيْنٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ، وَفِيهِ خِلَافٌ ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَاسْتِعْذَابُ الْمَاءِ لَا يُنَافِي الزُّهْدَ، وَلَا يَدْخُلُ فِي التَّرَفُّهِ الْمَذْمُومِ، بِخِلَافِ تَطْيِيبِهِ بِنَحْوِ الْمِسْكِ، فَقَدْ كَرَّهَهُ مَالِكٌ لِمَا فِيهِ مِنَ السَّرَفِ، وَقَدْ شَرِبَ الصَّالِحُونَ الْمَاءَ الْحُلْوَ وَطَلَبُوهُ، وَلَيْسَ فِي شُرْبِ الْمَاءِ الْمَالِحِ فَضِيلَةٌ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَهُوَ ضَرْبُ مَثَلٍ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَالْفُرَاتُ الَّذِي يَكْسِرُ الْعَطَشَ وَالسَّائِغُ الَّذِي يَسْهُلُ انْحِدَارُهُ، وَالْأُجَاجُ الَّذِي يَحْرِقُ لِمُلُوحَتِهِ، كَانَ السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ الشَّاذِلِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ يَقُولُ: إِذَا شَرِبْتُ الْمَاءَ الْحُلْوَ أَحْمَدُ رَبِّي مِنْ وَسَطِ قَلْبِي.
وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَاءَ الْمَمْزُوجَ بِالْعَسَلِ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَ السُّكَّرَ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْعَسَلِ مِنَ الشِّفَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ مَعَ نَظَرِ الِاعْتِبَارِ فِي أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: فِيهِ مِنْ حِفْظِ الصِّحَّةِ مَا لَا يَهْتَدِي لِمَعْرِفَتِهِ إِلَّا أَفَاضِلُ الْأَطِبَّاءِ، فَإِنَّ شُرْبَ الْعَسَلِ وَلَعْقِهِ عَلَى الرِّيقِ يُزِيلُ الْبَلْغَمَ، وَيَغْسِلُ حَمْلَ الْمَعِدَةِ، وَيَجْلُو لِزُوجَتَهَا، وَيَدْفَعُ عَنْهَا الْفَضَلَاتِ، وَيُسَخِّنُهَا بِاعْتِدَالٍ، وَيَفْتَحُ السُّدَدَ وَالْمَاءُ الْبَارِدُ رَطْبٌ، يَقْمَعُ الْحَرَارَةَ، وَيَحْفَظُ الْبَدَنَ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَاءَ الْمَنْقُوعَ فِيهِ تَمْرٌ وَزَبِيبٌ عَلَى مَا سَبَقَ فِي بَابِ النَّبِيذِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ يَشْرَبُ اللَّبَنَ خَالِصًا تَارَةً وَبِالْمَاءِ الْبَارِدِ أُخْرَى لِأَنَّ اللَّبَنَ عِنْدَ الْحَلْبِ يَكُونُ حَارًّا وَتِلْكَ الْبِلَادُ حَارَّةٌ غَالِبًا فَكَانَ يَكْسِرُ حَرَّهُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ.
فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَنْصَارِيٍّ فِي حَائِطٍ لَهُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ فِي شَنٍّ - أَيْ: قِرْبَةٍ خَلِقَةٍ - وَإِلَّا كَرَعْنَا فَانْطَلَقَ لِلْعَرِيشِ فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ مَاءً، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ فَشَرِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَاصِلُ عُنْوَانِ الْبَابِ
أَنَّ الْحُلْوَ الْبَارِدَ أَحَبُّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ، وَهُوَ بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ الْمَاءَ الْقَرَاحَ، وَالْمَخْلُوطَ بِالْحَلَاءِ وَاللَّبَنَ الْخَالِصِ، وَالْمَخْلُوطَ بِالْبَارِدِ، فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي اللَّبَنِ: زِدْنَا مِنْهُ، وَفِي غَيْرِهِ أَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِهِ هُوَ الطَّعَامُ لَا الشَّرَابُ، فَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ مِنْ أَصْلِهِ.

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ حَدَّثَنَا وَفِي أُخْرَى أَخْبَرَنَا (عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ) أَيِ ابْنُ جُدْعَانَ (عَنْ عُمَرَ هُوَ) أَيْ عُمَرُ الْمَذْكُورُ هُوَ (ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا) ضَمِيرُ تَأْكِيدٍ تَصْحِيحًا لِلْعَطْفِ بِقَوْلِهِ: (وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى مَيْمُونَةَ) أَيْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ (فَجَاءَتْنَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ مِنْ بَعْضِ مَا فِيهِ (وَأَنَا عَلَى يَمِينِهِ) أَيْ مُسْتَعْلٍ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهَا لِسَبْقِي بِهَا (وَخَالِدٌ عَنْ شِمَالِهِ) أَيْ مُتَأَخِّرٌ مُتَجَاوِزٌ

نام کتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست