الاعداء الخارجيين والاعداء الداخليين معا- بمحاولة مشتركة للأطاحة بالاسلام، ولكن النتيجة كانت هي هي، لم تتغير ولم تتبدل. وكان هذا هو النضال الأخير. ومنذ ذلك الحين لم يجد العدوّ في نفسه الجرأة على مهاجمة المدينة. إن هذه حقائق تاريخية، يسلّم بصحّتها الصديق والعدوّ على حد سواء، ومع ذلك يرفع بعض القوم عقائرهم قائلين ان الاسلام مدين بانتشاره للسيف. ولكن الوقائع والارقام، كما دوّنت في وضح التاريخ، تشير إلى عكس ذلك تماما. فالحقيقة هي ان الاسلام انتشر، لا بالسيف، ولكن برغم السيف. إن أيما دين لم يتكشّف قط عن مثل هذه البسالة. لقد سلّت السيوف على الاسلام من كل حدب وصوب، ولكنها بدلا من أن تهلكه ساعدت، إذا جاز التعبير، على نشره. لقد شنّت على المدينة ثلاث حملات متعاقبة، ابتغاء إبادة الاسلام، وكل منها أعنف من سابقتها وأقوى. ولكن ما كانت النتيجة؟ هل أوهنت قوة الاسلام بأية حال؟ على العكس، فنحن نلاحظ في كل مرة تزايدا في عدد المسلمين المعبّأين للقتال.
ففي معركة بدر كان الجيش الاسلامي مؤلفا من ثلاثمئة رجل ليس غير، على حين ارتفع عدده بعد عام واحد، في معركة أحد، إلى سبعمئة، وأخيرا ارتفع ذلك العدد، في معركة الاحزاب، فبلغ نحوا من ألفين.
وهكذا نشهد نموا في قوة الاسلام يتناسب واستفحال سورة الهجوم عليه. يعني ان ازدهار الاسلام كان يتعاظم كلما قويت المحاولة الرامية إلى سحقه، وأن قدمه كانت تزداد رسوخا كلما تنافس أعداؤه في السعي إلى كبته. ويوما بعد يوم اشتد ساعد الاسلام. لقد عجزت أيما عاصفة عن استئصاله، وعجزت ايما سموم عن تصويحه. كانت يد الله تعمل على دعمه.
وكان قد انقضى على معركة الاحزاب نحو من عام عندما رأى الرسول نفسه، في ما يرى النائم، يؤدي فريضة الحج، مع أصحابه، في