لبني بكر. والتمست خزاعة مفزعا في الحرم، حيث يحظّر سفك الدماء- بحكم التقاليد العربية- تحظيرا صارما. ولكنهم لم ينجوا، حتى هناك، من عدوان المعتدين. لقد قتل عدد منهم كبير. ولم تكتف قريش بعدم صدّ حلفائها عن العدوان، بل ساعدتهم على ذلك منتهكة أحكام صلح الحديبية انتهاكا صريحا. وهكذا ذهب وفد من خزاعة ليستنصر الرسول، وفقا لأحكام التحالف. فبعث الرسول إلى قريش يخيّرها قبول واحد من الشروط التالية: إما ان تدفع ديات من قتلوا من خزاعة، وإما ان تحلّ نفسها من عهد بني بكر، وإما ان تعلن ان صلح الحديبية أمسى لاغيا. فردّت قريش قائلة انها قبلت الشرط الأخير، برغم ان ابا سفيان حاول، في ما بعد، ان يبرّر هذه الخطوة الخاطلة التي خطاها قومه، وان يعتذر عنها. فقد أدرك ابو سفيان ان مثل هذا النقض الصارخ للصلح محفوف بخطر عظيم، ومن أجل ذلك وفد على المدينة لتجديد المعاهدة. بيد أن الرسول لم يغفل عن المكيدة، ذلك أن أبا سفيان أصمّ اذنيه دون المطالب الاسلامية كلها.
ومن ثم رفض الرسول تجديد المعاهدة، فتعيّن على ابي سفيان ان ينقلب إلى مكة خائب الرجاء.
وهكذا اتخذ الرسول الاستعدادات الضرورية لفتح مكة، داعيا إلى ذلك جميع القبائل المتحالفة مع المسلمين. كانت قريش قد اضطهدت المسلمين طوال احدى وعشرين سنة. وكانت قد غزت المدينة، ثلاث مرات، للقضاء على الاسلام والمسلمين. فلا عجب إذا ما خيّل للمرء، إذ يرى إلى هذه الاستعدادات، أن الظالمين سوف يعاقبون على جرائمهم عقوبة عادلة. ولقد كان جد طبيعي ان يتوقع المرء أن يعمد الرسول، الآن، إلى مناقشة من ارتكبوا جرائم وحشية ضد الاسلام، الحساب. [وبينما الجيش الاسلامي على أهبة السير] كتب رجل مسلم [اسمه حاطب بن أبي بلتعة] ، بسبب من قلقه على انسبائه