بهدم الصنم، إذ خشيت ثقيف أن تلمّ بها كارثة إذا ما هدمته بأيديها.
وخلال تلك السنة قام بزيارة الرسول، كما ذكرنا من قبل، وفد من بني تميم. وقبل انقضاء العام التاسع للهجرة كان الاسلام قد انتشر في جميع الأرجاء الجنوبية والشرقية من جزيرة العرب. وأسلمت الكثرة الكبيرة من زعماء اليمن، ومهرة، وعمان، والبحرين، واليمامة، سواء من طريق الوفود أو من طريق الرسائل. وكان العرب في عهودهم كلها أمة تعشق الحرية. وكانت القبيلة العربية تعتبر أن من العار عليها أن تدفع أيما جزية إلى قبيلة أخرى. ومن هنا فأن دفع الزكاة حال دون انضواء بعض القبائل تحت راية محمد. لقد أحبوا الاسلام، ولكنهم لم يستطيعوا ان يروضوا أنفسهم على الرضا بالهوان، كما خيّل اليهم ... هوان دفع ضريبة ما، ولو الهية. وأسلم نصارى مهرة واليمن أيضا حوالى نهاية ذلك العام. وبعث الرسول بأحد المتفقهين في الدين إلى المنذر، أمير البحرين، الذي دخل في الدين من غير ما تردّد البتة. وحوالى تلك الفترة أرسل بنو حنيفة، وهم قبيلة نصرانية، بوفد إلى النبي. وكذلك فعلت قبائل اليمامة. وكان ذلك هو الوفد الذي ضمّ مسيلمة الكذاب. لقد حسب ان الذي جعل محمدا نبيا لا يعدو أن يكون كلاما تافها عن أشياء الهية. فقاده ذلك إلى ادعاء النبوة، ولكنه صرع آخر الأمر في معركة حدثت في خلافة أبي بكر.
وبعث بنو تغلب، وهم قبيلة نصرانية أخرى، بوفد إلى الرسول أيضا مؤلف من ستة عشر عضوا. ولكن أشهر هذه الوفود النصرانية كان ذلك الذي أقبل من نجران، وعدد أعضائه سبعون. وكان زعيماهم عبد المسيح وعبد الحارث، ممثّلين بني كندة وبني الحارث على التعاقب. وكان هؤلاء القوم من أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية