واحدة، كما تظهر الأناجيل. ومن هنا فأن المثل الذي ضربه في هذه المسألة غير وارد. إذ لو جعلت العزوبة هي مثل الحياة الأعلى وأمست هي القاعدة اذن لا نتهى العالم وشيكا. وهكذا فأن تعدد الزوجات لا ينطوي على شرّ أصيل، ومجرد تزوّج الرسول من عدد من النساء ليس موضع اعتراض بأية حال. لقد كانت هذه هي عادة «البطاركة» القدامى.
وحتى سن الثالثة والخمسين، وهي سنّ عالية حقا، عندما يتحرر المرء من سلطان نزوات الشباب، عاش الرسول وليس له غير زوج واحدة، ضاربا المثل بذلك على ان اللاتعدّد في الزوجات يجب أن يكون قاعدة الحياة في الأحوال السويّة. والواقع ان هذا هو مفاد التعاليم القرآنية. ولكن الاسلام، بوصفه دينا كونيا، محتاج لأن يحتاط لمختلف ضروب الحالات الاستثنائية غير السوية. وتعدد الزوجات هو أحد هذه الاحتياطات، التي لا يسمح بها إلا حين تدعو إلى ذلك بعض الحالات الشاذة. فحين تنشأ حالات مثل هذه فعلا، يصبح تعدد الزوجات ضرورة لا بدّ منها، حتى إذا لم يجز ذلك في تلك الحال كانت النتيجة هي الاتصال الجنسي الآثم. وعندئذ يفسد المجتمع.
وتصبح الأمهات غير المتزوجات والابناء غير الشرعيين جزآ منه.
إن تعدد الزوجات هو، في مثل تلك الظروف، سبيل الوقاية الأوحد. سمّه شرا لا بدّ منه، أو ما شئت، فأنه يظل على أية حال الحاجز الوحيد دون المخازي الأخلاقية. وكان على الرسول ان يكون قدوة كاملة للجنس البشري كله. ومن هنا كان ضروريا، بصرف النظر عن انفاقه كامل شبابه بل الجزء الأعظم من شيخوخته مع زوجة مفردة، ان يتخذ عدة زوجات عندما أفضت الحرب إلى جعل عدد الاناث أكثر من عدد الذكور، بين المسلمين. لقد عاش، قبل اربعين سنة كاملة من البعثة، في أرض كان السيف يصطنع فيها بمثل