الطلاق هو ثمرة الكراهية التي تلبس المرأة، بحكم الطبع، لباس الخزي إلى حد ما. إن الناس لينظرون اليها في ازدراء، وهي كثيرا ما تفقد الامل في الزواج كرة أخرى، وبخاصة من جانب أبناء عشيرة زوجها السابق. والواقع ان علاقة زيد بالرسول كانت تتسم بمودّة عميقة متبادلة، حتى لقد عرف زيد بابن محمد. والحق أن الرسول هو الذي زوّجه من زينب، وكانت سيدة كريمة المحتد تشدّها إلى الرسول صلة نسب. ولكن الزوجين لم يستطيعا العيش في تناغم وانسجام.
فعقد زيد النية على تطليقها، ولكن الرسول ثناه عن ذلك، وهو ما نصّ عليه القرآن الكريم في وضوح. [وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ. فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً، وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا. ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ، سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً.] * ولكن لم يكن من الطلاق، في آخر الأمر، مناص. فبنى الرسول بها لكي يزيل الفكرة القائلة بأن الطلاق يحطّ من قدر المرأة. وهكذا رفع طبقة النساء المطلّقات كلها، تلك الطبقة التي كان خليقا بها لولا ذلك ان تعاني إذلالا من جانب المجتمع يستمر مدى الحياة. وإنه لمن الخطأ المحض ان يزعم ان الرسول فتن بزينب ومن أجل ذلك حمل زيد على تطليقها. بل ان ذلك سخف ينفيه ظاهر القصة نفسه. فهل يعقل،
(*) السورة 33، الآية 37- 38.