ومن هنا نرى أن زيجات الرسول كلها كانت تستهدف غرضا أخلاقيا باطنا. فقد نشأت في حياته ظروف لم يكن في ميسوره تجاهها، انسجاما منه مع رسالة حياته الاخلاقية والدينية، ان يقصر نفسه على زوجة واحدة. لقد كان خير البشرية مرهونا بسلوك هذه السبيل، فلم يحجم عن سلوكها. وإنما قضى زهرة حياته، بل القسم الأعظم من كهولته، في كنف امرأة مفردة، مظهرا بذلك أن الزواج من واحدة هو القاعدة في الأحوال السويّة. حتى إذا تهدّد الخطر طهارة النساء وعفافهن، ومسّ الأمر وضعهن الاجتماعيّ، لم يتقاعس عن الأخذ بالبديل الأوحد- أعني تعدد الزوجات. ولكن علينا ان لا ننسى ان ذلك كان مجرد استثناء للقاعدة قصد به إلى مواجهة حالات شاذة، وليس القاعدة نفسها.