responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة محمد ورسالته نویسنده : اللاهوري القادياني، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 37
تراكميّ فعّال إلى درجة خليق بها أن تكفل تهوّد الجزيرة العربية كلها.
ومع ذلك، فقد اثبتت بلاد العرب استعصاءها على جميع هذه المؤثرات الخارجية. ثم جاءت النصرانية برسالة جديدة بالكلية. فقد أشبهت «وحدانيتها» المفهوم العربي للذات الالهية. وكانت الوثنية السائدة بين العرب مماثلة للوثنية الاغريقية التي ولدت عقيدة التثليث النصرانية تحت تأثيرها. وكان القديس بولس، المؤسس الحقيقي للكنيسة المسيحية كما نعرفها، قد أضفى مسحة «وثنية» على عقيدة الانبياء الاسرائيليين الوحدانية لكي يجعلها فاتنة في أعين الامم الوثنية في عصره. ومن هنا اكتسبت النصرانية أعدادا ضخمة من الداخلين فيها من أبناء تلك الامم.
وفوق هذا كله، فقد انطوت النصرانية على سمة اخرى جذّابة للعرب بخاصة. فقد أعفت أتباعها من ضرورة الالتزام [المتزمت] للقانون، وهو ترخّص يتساوق تساوقا كاملا واسلوب الحياة عند العرب. فقد كان أبناء الصحراء المتهورون هؤلاء- الذين لا تضبط مسالكهم أية قوانين دينية أو زمنية- قد انغمسوا في ملذات الحياة على نحو غير مكبوح. وكانت النصرانية تتيح لهم مجالا واسعا لارضاء نزعاتهم تلك. فهي، بهذا الوصف، عقيدة لا تكلّفهم غير أضأل قدر من مقاومة تلك النزعات، ومن ثم كان خليقا بهم أن يجدوا في اعتناقها أعظم اليسر. وبالاضافة إلى هذه المغريات الملازمة، تمتعت النصرانية بسلطان زمني يزيّنها في أعين العرب. فالامبراطورية الرومانية الكبرى في الشمال، والمملكة الحبشية في الغرب، وتنصّر احدى مقاطعات اليمن، والسيطرة التي كانت للنصرانية على دولتي الحيرة وغسّان- تلك هي المؤثرات المتعددة التي كانت تعمل لمصلحة النصرانية. وفي ظل هذه الظروف والملابسات بدا دخول الجزيرة العربية كلها في حظيرة الدين المسيحي مسألة أيام ليس غير. ومع ذلك فقد عجزت الكنيسة عن ان تخلّف أيّ أثر محسوس في المجتمع العربي، ما خلا تعزيزها

نام کتاب : حياة محمد ورسالته نویسنده : اللاهوري القادياني، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست