«أريد ان اقتل محمدا» ، فقال له المسلم ان من الخير له أن يرجع إلى أهل بيته ويقيم أمرهم ثم يفكر بعد ذلك بقتل الرسول*، ذلك بأن أخته وبعلها كانا كلاهما قد اعتنقا الاسلام. ولم يكد عمر يسمع نبأ اسلامهما حتى استبدّ به أعظم الغيظ، واتخذ سبيله نحو بيتهما، أولا، لكي يصفي حسابه معهما. واتفق ان كان خبّاب يتلو عليهما آيات من القرآن الكريم عندما دخل عمر بيتهما. فسارعا، بسبب من خوفهما، إلى اخفاء الصحيفة التي خطّت الآيات عليها. وكان قد سمعهما يتلوان القرآن. فما إن اجتاز عتبة البيت حتى تساءل [ما هذه الهينمة التي سمعت؟ فلما أنكرا صاح بهما: لقد علمت انكما تابعتما محمدا على دينه] ، وأمسك بسعيد وأنشأ يوسعه ضربا. وتدخلت أخته محاولة ان تنقذ زوجها من غائلة غضبه، فضربها، فشجّها، فسال الدم منها. وأخيرا صاحت في نبرة متحدّية: «نعم! أسلمنا، فاقض ما أنت قاض!» وكان لهذه الجرأة التي تكشّفت عنها أخت عمر برغم تعنيفه إياهما أثر عظيم في فثأ غيظه. فاذا به يكفّ عن ضربهما، ويسألهما ان يرياه الصحيفة التي كانا يتلوان القرآن منها.
وترددت أخته في ذلك خشية أن تبدر منه إهانة ما للكتاب الكريم، حتى إذا أكّد لها انه لن يؤذي مشاعرهما الدينية أكثر مما فعل قدّمت اليه الصحيفة التي اشتملت على سورة طه**. واليك مستهلّها: «طه، ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى. إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى.
تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى.» *** فما ان
(*) جاء في كتب السيرة ان نعيم بن عبد الله قال لعمر: «والله لقد غشتك نفسك من نفسك يا عمر! أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على وجه الارض وقد قتلت محمدا؟! أفلا ترجع إلى أهلك وتقيم أمرهم!» (المعرب)
(**) وهي السورة العشرون.
(***) السورة 20، الآية 1- 4.