responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 164
إلى الحكم الذى يرضيهم جميعا، فيشركهم جميعا فى فضل حمل الحجر الأسود إلى موضعه من غير مشاحة ولا خصومة ولا تفاضل بينهم. ويحمله هو بيده ابتداء فلا ينازعونه لفضل عقله، ثم يحمله هو واحده انتهاء ويضعه فى موضعه بيديه الكريمتين، فيرضون ما يفعل.
ولكمال عقله لم يخض مع الخائضين فى العصبية الجاهلية، فلم ينطق بها، ولم يجادل حولها، وكان يحب الوئام والسلام، ولا يحب الحرب والخصام، ولذلك لم يشارك فى حرب الفجار، إلا بتنضيل السهام عن أعمامه حماية لهم ورحمة بهم، بموجب الرحم الواصلة، لا بموجب الحرب التى أحلت فيها الحرمات والأشهر الحرم.
وإنه من المؤكد أن محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام كبح جماح هواه طول حياته قبل البعثة، فلم يفعل ما يفعله الغلمان وهو غلام، ولا ما يفعله الشبان فى باكورة شبابه ولا بعد أن صار رجلا سويا. اكتملت أخلاقه كما اكتمل جسمه، فكان القوى الذى يسيطر على أهوائه، فلا ينحرف مع هوى ولا تجمح به شهوة، وأنه إذا ضعف سلطان الهوى قوى سلطان الحق، وإذا قلت حدة الشهوة، استقام حكم العقل، فالعقل حكمه يناقض حكم الهوى والشهوة، والعاقل السيد هو الذى يسيطر على أهوائه وشهواته ويكون عقله هو المسيطر، وما تضل العقول إلا إذا داخلت النفوس الأهواء وعكرت صفاءها، فمحمد بن عبد الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان أعقل قريش لأنه هو الذى لم يسيطر عليه هوى كسائر سادات مكة.
وقد قال القاضى عياض فى فضل عقله عليه الصلاة والسلام، واثاره فى الإسلام:
«وأما وفور عقله، وذكاء لبه، وقوة حواسه، وفصاحة لسانه، واعتدال حركاته، وحسن شمائله، فلا مرية أنه كان أعقل الناس وأذكاهم، ومن تأمل تدبيره أمر بواطن الخلق وظواهرهم، وسياسة العامة والخاصة، مع عجيب شمائله، وبديع سيره، فضلا عما أفاضه من العلم وقرره من الشرع، دون تعلم سبق، ولا ممارسة تقدمت، ولا مطالعة للكتب منه، لم يمتر فى رجحان عقله، وثقوب فهمه، لأول بديهة، وهذا مما لا يحتاج إلى تقريره لتحققه.. ولقد قال وهب بن منبه: قرأت فى أحد وسبعين كتابا، فوجدت فى جميعها أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أرجح الناس عقلا، وأفضلهم رأيا. وفى رواية أخرى: فوجدت فى جميعها أن الله لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل فى جنب عقله صلى الله تعالى عليه وسلم إلا كحبة رمل من بين رمال الدنيا» [1] .

[1] الشفاء الجزء الأول ص 43، طبع الحلبى.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست