نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 170
وذكر أن لمحمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام عبارات لم يسبق بها، فقال رضى الله تعالى عنه:
وقد جمعت من كلماته التى لم يسبق إليها، ولا قدر أحد أن يفرغ فى قالبه عليها، كقوله:
حمى الوطيس، ومات حتف أنفه، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، السعيد من وعظ بغيره» [1] .
وهكذا يثبت القاضى عياض فصاحة الكلم النبوي، والبلاغة المحمدية، بما ساق من عبارات جامعة، ومعان رائعة، وألفاظ ينبثق منها النور، وتضبط بها حقائق هذا الوجود.
133- وإننا إن تركنا أقوال الذين شاهدوا وعاينوا من صحابته والذين رووا المنقول فى سيرته، وعمدنا إلى الأحاديث المدونة الصادقة النسبة، والتى رواها العدول طبقة بعد طبقة، وأردنا أن نتعرف نسق بيانه من عباراتها، ومحكم معانيها من ألفاظها، لو جدنا من بعض ما يتبين فى ذلك النسق:
(1) أن اللفظ يجيء سهلا، نجد فيه الجمال الطبعي، نجد الألفاظ متناسقة يأخذ بعضها بحجز بعض، مع الإيجاز، وإحكام المعني، والاتجاه إلى مقصد القول، وتصوره، أحيانا بالحقيقة، ويكون لها جمال كجمال الطبيعة، اقرأ إن شئت قوله عليه الصلاة والسلام، فى الدعوة إلى القناعة، والرضا بالقليل، وعدم اللجاجة التى تؤذى. «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» وقوله فى الدعوة إلى ضبط النفس: «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب» وهكذا التعبير السهل العميق فى معناه يسرى فى كلام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى كل توجيهاته، ولذلك سرعان ما تحفظ، فهو كلام يقال ليحفظ.
(ب) وإن من خصائص البلاغة النبوية أنها لا تعلو على العقول الفطرية، فهى تدركها فى أيسر كلفة مع جلال المعنى وعمقه وقوة نفوذه فى النفوس، والخاصة يجدون فيه علم ما لم يعلموا، انظر إلى قوله عليه الصلاة والسلام فى بيان واحدة الأمة الإسلامية وما ينبغى لتعاونها: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وقوله: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم، كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» واقرأ قوله عليه الصلاة والسلام فى المعاهدات التى تعهد والنفوس على أحقادها ولا تستل منها سخائمها: «هدنة على دخن» فإن كل إنسان يفهم أن القلوب فاسدة، وأن الصلح الظاهرى لا يصيب الأحقاد التى طويت عليها القلوب. ومثل قوله عليه الصلاة والسلام فى فضل العمل، وأن يكفى كل إنسان مئونة نفسه، ويستعد لمعونة غيره للاستعانة به «اليد العليا خير من [1] الكتاب المذكور ص 46.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 170