نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 217
ولقد كانت شكواهن من أن محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد أخذهن بما أخذ به نفسه، وإن كان أخف ولكنه فى كلتا الحالتين دعا ربه أن يكون رزق ال محمد صلّى الله عليه وسلّم قوتا، لا يتجاوزه إلى رافغ الحياة وفاكهها، ولذلك حلف بما حلف تأديبا وتجربة، ومحبة أيضا، وبعد أن مضى الشهر الذى حلف ألا يقربهن فيه، لم يعد إليهن إلا بعد تخيير صريح يقبلن فيه أن يكون رزقهن قوتا لا نعيم فيه، إلا بالحلال، وبين أن يسرخهن بالمعروف، وذلك بأمر صريح من الله سبحانه وتعالى إذ قال سبحانه:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها، فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ، وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا. وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً. يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ، وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً. وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً، نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ، وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً. يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ، إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ، فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ، إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً
«1» .
نفذ محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه أمر ربه بالتخيير ليخترن، وابتدأ بأحب نسائه إليه ابنة صديقه وصفيه أبى بكر الصديق رضى الله عنه، عائشة، فقال لها: إنى ذاكر أمرا، فلا عليك أن تعجلى حتى تستأمرى أبويك، وتلا عليها هذه الايات فقالت: أفى هذا أستأمر أبوىّ، فإنى أختار الله ورسوله والدار الاخرة، وكذلك قال سائر أزواجه عليه الصلاة والسلام، وبذلك اخترن عيشة النبى عليه الصلاة والسلام الزاهدة، فكن جديرات بمحمد صلّى الله عليه وسلّم خاتم النبيين، وسيد الزاهدين.
الصابر المصابر
156- إن نشأة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام الأولى من شأنها أن تربى فيه خصلة الصبر، وحاله فى شبابه الباكر تربى فيه الصبر واستمساكه بالفضائل فى وسط الرذائل التى كانت تكثر فى قومه لا يقوى عليه إلا بالصبر وضبط النفس، واجتنابه للأهواء والشهوات التى كانت تسيطر في مكة، لا يقوى عليه إلا الصابر الذى يقمع دواعى الشهوات بين جنبيه، ويقذعها عن متابعة الأهواء ومنازع
(1) سورة الأحزاب: 28- 34.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 217