responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 223
وصابر فى ميدان الحرب، فكان المجاهد الثابت الذى لا تزلزله قوة، ولا يذهب تفكيره شعاعا ولو تألب عليه العرب جميعا، كما فى غزوة الأحزاب، وقد جاء المشركون من الخارج واليهود من الداخل إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً [1] ، ونجد النبى عليه الصلاة والسلام كان فى هذه المعركة، الصابر، المصابر، الذى لم يذهب ساعة من نهار الرجاء منه، وإن كانت الشديدة قد بلغت أقصاها. وصابر صلّى الله عليه وسلّم فى الداخل طوائف ثلاثا فأخذ بالرفق الضعفاء، فكان يبث فيهم روح الإيمان، وكان الضعف يبدو أحيانا منهم فى وقت يحتاج فيه إلى الجلد وقوة العزيمة، والثبات فى البأساء والضراء، وحين البأس.
وصابر المنافقين الذين كانوا يظهرون الإيمان، ويبطنون الكفر، ويلقون باليأس والهزيمة، ويدعون إلى التردد فى صفوف المؤمنين، ويستجيب لهم بعض الضعفاء من المؤمنين، ويصبر عليه الصلاة والسلام على ما يثيرونه حول شخصه واله، كما خبوا ووضعوا فى الحديث الذى أشاعوه عن أم المؤمنين عائشة.
ويشير عمر بقتل كبيرهم، فيرده محمد صلّى الله عليه وسلّم بأنه لا يريد أن يتحدث الناس أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم يقتل أصحابه، ويستمر صابرا حتى ينهى الشر نفسه.
وكان اليهود فى المدينة، فكان يصابرهم حتى ينكشف فسادهم، فإذا انكشف أخذهم ببعض ذنوبهم صابرا مصابرا، وإن الصبر فى الشدائد هو صبر العافى المدرك بأن غايات الأمور لا تدرك إلا بالصبر المرير، وكان إذا ادلهم الأمر لا يجزع، ولا يفزع، بل يتأنى الأمور، ويصطبر لها، معالجا أمرها فى أناة وحكمة، ويقول عليه الصلاة والسلام: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» فإذا دهمه الأمر لا ينزعج ولا يضطرب، ولا يذهب لبه وتفكيره، بل يسيطر على نفسه، ويدبر الأمر من غير هلع ولا جزع، وكان يرى أن الصبر من الإيمان.
وإن الشدائد النفسية تحتاج إلى الصبر أكثر من الشدائد المادية، وانظر إلى موقفه الصابر عندما أشاعوا قالة السوء عن حبّه أم المؤمنين عائشة، فقد تلقى الخبر، وساوره الظن، وبدا فى بعض عمله، وفى ملامح وجهه، ولكنه كان المثل الكامل فى الثبات، وتقدير الأمر، ودعا بعض خاصته للاستشارة فى هذا الإفك، وليتعرف مقدار الحق فيه، فمنهم من نفى الوقوع وأكد النفى كعمر رضى الله عنه، ومنهم من دعا إلى التحرى بسؤال جاريتها وهو علي، وقد رأى النبى صلّى الله عليه وسلّم فى هدأة الصابر أن ذلك هو الأسلم والأحزم،

[1] سورة الأحزاب: 10.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست