نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 237
الأخمصين، مسبح للقدمين، ينبو عنهما الماء. إذ زال تعلقا [1] ، ويخطو تكفؤا، ويمشي هونا، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، ويبدأ من لقيه بالسلام» .
وإن هذا يدل على الجمال والكمال، جمال الرجولة، وكمال الإنسان، فكل ما فيه يسترعى الأنظار، ولا تنصرف عنه، ولذلك من لقيه ممن هو خالى الذهن، لا يتجه اليه بحقد أو حسد، أو ضغن يلتفت إليه، ويجد فيه مثلا كاملا للرجل، ومكانة عالية فى الخلق، والإشعار بالمودة، فهو لا يتقدم مباهيا، ولا يسبق معتزا، ولكن يسير وراءه متواضعا، متطامنا، ويلقى السلام على كل من يلقاه إشعارا له بالمودة والمحبة، حتى لا تسبق الجهامة، والمنافرة، فهو جميل التكوين والتنسيق فى جسمه مرضى اللقاء، بل محبوب اللقاء فى خلقه، وما قام بينه وبين أحد فى الجاهلية عداء، ولا كانت شحناء بينه وبين أحد منهم، ولا ملاحاة فى عصبية أو ما يشبهها من المشادات الجاهلية، بل كان الأليف المألوف، القريب إلى النفوس خصوصا النفوس المستقيمة التى لا التواء فيها ولا منافرة.
وذلك فوق ما خصه الله تعالى به من جاذبية شديدة تعلن الطيبة، وتكشف عن خبيئة نفسه الطاهرة المسالمة التى لا تنافر ولا تغاضب، ولا تصخب.
ولنقرأ وصفا، لامرأة مر عليها عابرا فى هجرته من مكة إلى المدينة، فقد قالت واصفة له. وقد سئلت عنه أم معبد:
لقد مر محمد بن عبد الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومعه أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه، ومولاه عامر بن فهيرة ودليلهم عبد الله بن أريقط الديلمي، فسألوها هل عندها لبن أو لحم يشترونه منها، فلم يجدوا عندها شيئا، وقالت: لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القري، وكانوا ممحلين، فنظر عليه الصلاة والسلام إلى شاة فى كسر خيمتها فقال ما هذه الشاة يا أم معبد، فقالت: نحلها [2] الجهد، فقال عليه الصلاة والسلام أنأذنين لى أن أحلبها، فقالت إن كان بها حلب فاحلبها، فدعا بالشاة فمسحها، وذكر اسم الله، فكان فى حلبه منها ما كفاهم أجمعين، ثم حلبها، وترك عندها إناءها ملان. فلما جاء بعلها استنكر اللبن، وقال: من أين لك هذا يا أم معبد، ولا حلوبة فى البيت والشاء عازب!!.
فقالت: لا، والله مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، فقال صفيه، فو الله إنى لأراه صاحب قريش الذى تطلب!!. [1] التقلع، رفع الرجل بقوة، والتكفؤ، التزام طريقة الشئ، والقصد فيه، والهون الرفق. [2] المحل الجدب، ونحل يعنى ضعف وهزل.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 237