responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 451
وتنكب قوسه، وانتضى فى يديه أسهما، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة الشريفة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعا، ثم أتى المقام، فصلى ركعتين، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة فقال:
شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، أو ييتم ولده، أو ترمل امرأته، فليلقنى وراء هذا الوادى [1] .
وقد يسأل سائل: إن المشهور أن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه صحب فى رحلته عياش ابن أبى ربيعة. وكان فى عزمته أن يصحبهما هشام بن العاص، فكيف نوفق بين هذه الرواية المشهورة ورواية على كرم الله وجهه؟ ونقول فى الجواب عن ذلك، إن الجمع بين الروايتين ممكن، ومتى أمكن الجمع يتعين تصديق الروايتين، إذ لا ترد إحداهما إلا إذا تعذر التوفيق بينهما.
والتوفيق ممكن وظاهر، إذ أن الصحبة كانت فى السفر، وواضح أن السفر يكون بعد اعتزام النية والإصرار، وقد كان متفقا معهما على أن يلتقيا معه فى مكان يقال له التناضب، من أضاة بنى غفار.
والواقعة التى رواها على كرم الله وجهه كانت وهو لا يزال بمكة المكرمة، وقد أعلن الهجرة، فهو قد قال ما قال معلنا هجرته، متحديا قريشا، ثم أخذ طريقه إلى المكان الذى اتعدوا فيه، فوجد عياشا، وتخلف عنهما هشام، إذ افتتن فى دينه، واستجاب لهم وقلبه مطمئن بالإيمان.
كانت هجرة المهاجرين سرا، أو على استخفاء من قريش.
وكانوا ينزلون فى مهجرهم على الأنصار، فينزلون معهم فى بيوتهم، فعمر بن الخطاب حين انتقل إلى المدينة المنورة ولحق به أهله وأخوه زيد بن الخطاب، وعمرو بن سراقة وغيرهم، نزلوا على رفاعة بن عبد المنذور بن زهير فى بنى عمرو بن عوف فى قباء. ونزل طلحة بن عبيد الله، وصهيب بن سنان، على خبيب بن أصاف، وهكذا غيرهم نزل فى منازل الذين اووا ونصروا، وكانوا يرحبون بهم، وكأنهم بين أهليهم وذويهم، لأن الإيمان الصادق جمعهم، ومحبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فاضت عليهم، فجعلتهم أحبابا على مائدة الرحمن، وقد علموا فضل إخوانهم المهاجرين الذين صبروا عند الصدمة الأولي، وأوذوا فى أنفسهم وأخرجوا من ديارهم وأموالهم، فجعل الله تعالى من خوفهم أمنا، ومن ذل ضعفائهم عزة، إذ اعتزوا بعزة الله تعالي، وكان بهم بتوفيق الله أن صارت كلمة الله تعالى هى العليا، وقد قال الله تعالى فى المهاجرين والأنصار:
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ

[1] راجع في هذا أشهر مشاهير الإسلام للمرحوم رفيق العظم طبعة 1972 الناشر (دار الفكر العربي) .
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 451
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست