نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 463
فإن كل هذه خوارق عادات حسية، لا تقل عن معجزات موسى وعيسى الحسية، ولكن النبى صلّى الله عليه وسلّم لم يتحد قريشا بها، ولم يتحد الوجود الإنسانى بها، بل تحداه بالقران الكريم المعجزة الكبرى.
والخارق الذى بدا فى المرور على أم معبد، هو أن اللبن در من شاة عجفاء حائل لا لبن فيها، وسقى جميع الركب، وتكرر السقى، وشاركهم أهل المنزل الذى نزل فيه النبى صلّى الله عليه وسلّم، وإليك القصة كما رواها البيهقى بسنده عن أبى معبد الخزاعى:
«أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر، وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر، ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثى، فمروا بخيمتى أم معبد الخزاعية، وكانت أم معبد امرأة برزة جلدة، تحتبى بفناء الخيمة فسألوها هل عندها لحم أو لبن، يشترونه منها، فلم يجدوا عندها شيئا من ذلك، وقالت: لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى، وإذ القوم مرملون مسنتون (أى فى سنة جدب) .
فنظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا شاة فى كسر خيمتها، فقال عليه الصلاة والسلام: «ما هذه الشاة يا أم معبد؟ فقالت: هى شاة خلفها الجهد عن الغنم، قال عليه الصلاة والسلام: فهل بها من لبن؟ فقالت هى أجهد من ذلك. قال عليه الصلاة والسلام: تأذنين لى أن أحلبها؟ قالت: إن كان بها حلب فاحلبها، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالشاة فمسح ضرعها، وذكر اسم الله تعالي، ودعا بإناء لها يريض الرهط [1] ، فتفاجت واجترت فحلب منها ثجا حتى ملأه، وأرسله إليها، فسقاها، وسقى أصحابه فشربوا عللا بعد نهل [2] ، حتنى اذا أرووا شرب (أى عليه الصلاة والسلام) اخرهم، وقال: ساقى القوم اخرهم، ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء، فغادروه عندها، ثم ارتحلوا. فما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزات عجفا يتساوكن هزلا لا نقى بهن [3] ، فلما رأى اللبن عجب، وقال: من أين هذا اللبن يا أم معبد، ولا حلوبة فى البيت، والشاة عازب؟ فقالت: لا، والله إنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت، وكيت، فقال: صفيه، فو الله إنى لأراه صاحب قريش الذى تطلبه، فقالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة، حسن الخلق، مليح الوجه، لم تعبه تجلة، ولم تزر به صعلة [4] ، قسيم وسيم، فى عينيه دعج، وفى أشفاره وطف، وفى صوته صحل، أكحل، أزج، أقرن (أى سيد) فى عنقه سطع، وفى لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما، وعلاه البهاء، حلو المنطق، فصل لا نزر، ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم [1] أى يشبع الجماعة، وتفاجت معناها فرجت بين رجليها. [2] النهل الشرب الأول، والعلل الشرب الثانى. [3] النقى: المخ. [4] التجلة: ضخامة البطن، والصعلة: صغر الرأس والوطف: كثرة الشعر.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 463