في هذه الأحاديث الأمر بالتيسير والنهي عن التنفير، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الألفاظ بين الشيء وضده؛ لأن الإنسان قد يفعل التيسير في وقت والتعسير في وقت، ويُبشِّرُ في وقت ويُنفِّرُ في وقت آخر فلو اقتصر على يسروا لصدق ذلك على من يسَّر مرة أو مرات، وعسَّر في معظم الحالات، فإذا قال ولا تُعسِّرُوا انتفى التعسير في جميع الأحوال من جميع وجوهه وهذا هو المطلوب. وكذا يقال في يسِّرا ولا تُعسرا، وبشِّرا ولا تُنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا؛ لأنهما قد يتطاوعان في وقت ويختلفان في وقت وقد يتطاوعان في شيء ويختلفان في شيء، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حث في هذه الأحاديث وفي غيرها على التبشير بفضل الله وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته، ونهى عن التنفير بذكر التخويف وأنواع الوعيد محضة من غير ضمها إلى التبشير، وهذا فيه تأليف لمن قَرُبَ إسلامه وتَرْكُ التَّشديد عليه، وكذلك من قَارَبَ البلوغ من