منه أن يكف عنه، فرجع إلى قومه مسرعًا كأن الصواعق ستلاحقه، واقترح على قريش أن تترك محمدًا وشأنه، وأخذ يرغبهم في ذلك [1].
لقد تخير رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضل الله - تعالى -، ثم بحكمته العظيمة هذه الآيات من الوحي؛ ليعرف عتبة حقيقة الرسالة والرسول، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم يحمل كتابًا من الخالق إلى خلقه، يهديهم من الضلال، وينقذهم من الخبال، ومحمد صلى الله عليه وسلم قبل غيره مُكلَّف بتصديقه والعمل به، والوقوف عند أحكامه، فإذا كان الله - عز وجل - يأمر الناس بالاستقامة على أمره، فمحمد صلى الله عليه وسلم أولى الناس بذلك، وهو لا يطلب ملكًا ولا مالًا ولا جاهًا، لقد مكَّنه الله من هذا كله، فعفَّ عنه وترفَّع أن يمد يديه إلى هذا الحطام الفاني؛ لأنه صادق في دعوته، مخلص لربه، صلى الله عليه وسلم [2]. [1] انظر: البداية والنهاية 3/ 62، وتاريخ الإسلام للذهبي، قسم السيرة ص158، وفقه السيرة لمحمد الغزالي ص114، وهذا الحبيب يا محبّ ص102، وتفسير ابن كثير 4/ 62. [2] انظر: فقه السيرة لمحمد الغزالي ص113.