فهاجر المسلمون، فاجتمع قريش في 26 من شهر صفر سنة 14 من النبوة، وأجمعوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ ولحسن سياسته وحكمته أمر عليًا أن يبيت في فراشه تلك الليلة، فبقي المشركون ينظرون إلى عليٍّ من صِير الباب [1] وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومر بأبي بكر، وهاجر إلى المدينة [2].
وهذه المواقف العظيمة التي وقفها رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل واضح على حكمة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى صبره، وشجاعته، وأنه صلى الله عليه وسلم حينما علم بأن قريشًا قد طغت، ورفضت الدعوة بحث عن مكان يتخذ فيه قاعدة للدعوة الإسلامية، ولم يكتف بذلك، بل أخذ منهم البيعة والمعاهدة على نصرة الإسلام، وتم ذلك في مؤتمرين: بيعة العقبة الأولى، ثم [1] صير الباب: هو شق الباب. انظر: المعجم الوسيط، مادة "صار" 1/ 531. [2] انظر: سيرة ابن هشام 2/ 95، والبداية والنهاية 3/ 175، وزاد المعاد 3/ 54، والسيرة النبوية دروس وعبر لمصطفى السباعي ص61، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر 2/ 148، وهذا الحبيب يا محبّ ص156.