فضرب صلى الله عليه وسلم بذلك المثل الأعلى في الشجاعتين: القلبية، والعقلية، مع بعد النظر، وأصالة الرأي، وإصابته؛ فإن من الحكمة أن يتنازل الداعية عن أشياء لا تضره بأصل قضيته لتحقيق أشياء أعظم منها [1].
وجميع ما تقدم نماذج من شجاعته صلى الله عليه وسلم وثباته، وهذا نقطة من بحر، وإلا فإنه لو كُتِبَ في شجاعته صلى الله عليه وسلم بالاستقصاء لكُتِبَ مجلدات، فيجب على كل مسلم، وخاصة الدعاة إلى الله - عز وجل - أن يتخذوا الرسول صلى الله عليه وسلم قدوةً في كل أحوالهم وتصرفاتهم، وبذلك يحصل الفوز والنجاح، والسعادة في الدنيا والآخرة، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21] [1] انظر: وثيقة صلح الحديبية كاملة في البخاري مع الفتح 5/ 329، برقم 2731، 2732، وشرح الوثيقة في الفتح 5/ 333 - 352، ومسند أحمد 4/ 328 - 331، وانظر: هذا الحبيب يا محبّ ص532.