لأنه لم يبعث صلى الله عليه وسلم جابيًا للأموال وخازنًا إنما بعث هاديًا، ومبشراًًً، ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه، وسراجًا منيرًا، وهذا هو شأن أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنما وَرَّثُوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر» [1].
وقد فَهِمَ الصحابة رضي الله عنهم ذلك، فعن سليمان ابن مهران: بينما ابن مسعود رضي الله عنه يومًا معه نفر من أصحابه إذ مرَّ أعرابي فقال: على ما اجتمع هؤلاء؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه: (على ميراث محمد صلى الله عليه وسلم يقسِّمونه) [2].
فميراث النبي صلى الله عليه وسلم هو الكتاب والسنة والعلم والاهتداء بهديه صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا توفي صلى الله عليه وسلم ولم يترك درهمًا، ولا دينارًا، ولا [1] أبو داود 3/ 317, برقم 3641، والترمذي 5/ 49, برقم 2682، وابن ماجه 1/ 80, برقم 223، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/ 43. [2] أخرجه الخطيب البغدادي بسنده في شرف أصحاب الحديث ص 45.