نام کتاب : شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : زواوى، أحمد بن عبد الفتاح جلد : 1 صفحه : 404
صلى الله عليه وسلم ليستطلع الخبر من بعيد ثم يأتي أهل المدينة، ولكن ليعالج الأمر، ودليله أنه صلى الله عليه وسلم كان متقلدا سيفه في عنقه. والغريب في هذا الأمر، هو فارق التوقيت الزمني بين خروج النبي صلى الله عليه وسلم وخروج أصحابه لاستجلاء الأمر، هو خرج واستطلع الأمر وعاد، والصحابة ما زالوا في طريقهم صوب الصوت، وفارق التوقيت يدل على فارق الشجاعة والإقدام، وما عساه صلى الله عليه وسلم أن يفعل وحده إذا وجد ما يحتاج إلى منازلة، هل كان صلى الله عليه وسلم سيقاتل وحده؟ نعم ألم تسمع لقوله تعالى: لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء: 84] .
فلا غرابة إذن، ولو لم يكن صلى الله عليه وسلم قادرا وحده على معالجة الأمر لاستنفر غيره معه.
الفائدة الثانية:
ما يجب أن يكون عليه القائد، من شجاعة وإقدام، وتضحية بالنفس من أجل من خلفه، وأن يكون هو صمام الأمن لهم، الذي يهدئهم ويربط على قلوبهم، وألا يؤثر نفسه على نفوسهم في المخاطر، قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «لم تراعوا لم تراعوا ثم قال: وجدناه بحرا» ، أي: لا تخافوا ولا تفزعوا.
الفائدة الثّالثة:
الشجاعة خلق محمود في الناس ولولا ذلك ما أثنى أنس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة، ويتفرع عليه: أن الجبن وصف مشين في المرء، وأقول: إن الشجاعة خلق وسط بين خلقين مذمومين هما الجبن والتهور.
14- صبره صلى الله عليه وسلم
أ- صبره صلى الله عليه وسلم على أذى المسلمين:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجرانيّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيّ فجبذه بردائه جبذه شديدة حتّى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثّرت بها حاشية البرد من شدّة جبذته، ثمّ قال: يا محمّد مر لي من مال الله الّذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ ضحك، ثمّ أمر له بعطاء) [1] .
الشّاهد في الحديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم تعرض لأذى شديد من الأعرابي، سأذكره مفصلا، إن شاء الله ومع ذلك صبر بل وأحسن إلى من آذاه.