يعني يشاورهما فقالا: "لا والله ما أعطينا الدنية[1] من أنفسنا في الجاهلية فكيف وقد جاء الله بالإسلام فرجع إليه الحارث فأخبره" فقال: "غدرت يا محمد" قال: فقال حسان:"
يا حار من يغدر بذمة جاره ... منكم فإن محمداً لا يغدرُ
إن تغدوا فالغدر من عاداتكم ... واللؤم ينبت في أصول السخبرِ
وأمانة النهدي حيث لقيتها ... مثل الزجاجة كسرها لا يجبرُ2 [1] الدّنيّة بتشديد التحتانية وهي الخصلة الحقيرة المذمومة من الدنو. مختار الصحاح 212.
2 في البيت الأول - يا حار - وهو منادي مرخم حارث والبيت الأول موحد في أغلب الروايات إلا أن آخره في الديوان - لم يغدر - بكسر الراء وهو الأولى ليتناسب مع البيتين الآخرين. أما بالنسبة للثاني فهناك اختلاف لا يغير المعنى ففي الشطر الأول مثلاً من عاداتكم - في الديون - منكم شيمة وفي الشطر الأخير منه - واللؤم- في الديوان والغدر - وهو مكسور القافية والسخبر شجر تألفة الحيات فتكسن في أصوله. الواحدة سخبرة قال ابن الأثير وقد ورد ذلك في حديث ابن الزبير حيث قال لمعاوية: لا تطرق إطراق الأفعوان في أصول السخبر، أما البيت الثالث فهو غير واضح المعنى لكن يوضحه ما جاء في أسد الغابة حيث قال: وأمانة المري ما استودعته) وقد بين ابن الأثير أن سبب هذه الأبيات غير السبب المذكور في الحديث وأنه حدث هذا عندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم مع الحارث دعاة: يدعون قومه للإسلام فغدروا بهم فقال حسان هذه الأبيات قلت ولا يمنع أن تكون هذه الأبيات تكررت في الحادثين. انظر في كل ذلك: ديوان حسان 1/137، 2/127، أسد الغابة 1/343، الإصابة 1/286، النهاية في غريب الحديث 2/349.