"وخرج عدو الله حيي بن أخطب النضري حتى أتى كعب بن أسعد القرظي صاحب عقد بني قريظة[1]، وعهدهم وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه عاقده على ذلك وعاهده فلما سمع كعب بحيي بن أخطب أغلق دونه باب حصنه فاستأذن عليه فأبى أن يفتح له فناداه حيي ويحك[2] يا كعب افتح لي قال ويحك يا حيي إنك امرؤ مشؤم وإني قد عاهدت محمداً فلست بناقض ما بيني وبينه ولم أر منه إلا وفاءً وصدقاً"، قال: "ويحك افتح أكلمك". قال: "ما أنا بفاعل قال والله إن أغلقت دوني إلا عن جشيشتك[3] أن آكل معك منها فاحفظ[4] الرجل ففتح له".
فقال: "ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر ببحر طام[5] جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمي إلى جانب أحد. قد عاهدوني [1] أي أنه كان رئيسهم وسيدهم. [2] ويح: كلمة ترحّم وتوجّع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهي منصوبة على المصدر. النهاية 5/235. [3] الجشيشة: طعام يصنع من الجشيش وهو البر يطحن غليظاً ثم تجعل في القدور ويلقى عليها لحم أو تمر وتطبخ. النهاية في غريب الحديث 1/273. [4] احفظه: أغضبه. [5] طام: مرتفع ويريد كثرة الرجال.