وقال ابن القيم: "وقد هتك الله سبحانه أستار المنافقين وكشف أسرارهم في القرآن وجلى لعباده أمورهم ليكونوا منها، ومن أهلها على حذر وذكر طوائف العالم الثلاث في أول سورة البقرة المؤمنين والكفار والمنافقين فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشر آية لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم، وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله فإن بلية الإسلام بهم شديدة جداً لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه في الحقيقة يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وإصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد ثم استطرد قائلاً فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه وكم من علم له قد طمسوه" … الخ[1].
واستمر هذا الوضع الخطير حتى جاءت غزوة أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لملاقاة أعدائه حتى إذا كانوا بين المدينة وأحد انخذل عنه عبد الله ابن أبي بن سلول بثلث الناس، وقال أطاعهم وعصاني[2] ما ندري علام [1] صفات المنافقين 16. [2] يشير إلى المشاورة التي دارت قبل الخروج إلى أحد وكان من رأي كبير المنافقين القعود في المدينة ووافق الرسول مع القائلين بالخروج فأخذ من هذا حجة وذريعة.