وفي حديث أبي محذورة في قصة تعليمه الأذان، فقلت: يا رسول الله مرني باتأذين بمكة، فقال: "قد أمرتك به"، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم" [1].
وحسّنَ الألباني القدر الوارد من الحديث في تولية عتاب بن أسيد على مكة ثم ذكر شواهد لذلك[2].
والخلاصة: أن هذه الآثار الواردة فيمن استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة عند الخروج إلى حنين على فرض أن كل أثر منها لا يخلو من مقال، لكنها تدل بمجموعها على أن لهذه القصة أصلاً.
والمعروف من هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أراد الخروج إلى غزوة من الغزوات استخلف من يقوم مقامه حتى يرجع، والذي عليه إمام أهل المغازي والسير (ابن إسحاق) أن الذي استخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مكة هو عتاب بن أسيد.
وتابعه في هذا جمهور العلماء من أهل السير والمغازي وغيرهم[3].
وذهب بعض العلماء إلى أن عتابا كان أميرا على مكة، وكان معاذ بن جبل معلما لأهلها4.
ومسألة تولية عتاب بن أسيد أميرا على مكة متفق عليها تاريخيا فيؤخذ فيها بالروايات التاريخية وإن لم تنطبق عليها قواعد نقدة الحديث لأنه لا مناص لنا من الخذ بذلك، لأننا أمام أمرين:
إما رد هذه المريّات لضعف أسانيدها.
وإما الأخذ بها. [1] انظر تخريجه والحكم عليه برقم (256) . [2] تخريجه لأحاديث فقه السيرة لمحمد الغزالي ص433. [3] انظر: (سيرة ابن هشام 2/440، وتاريخ خليفة بن خياط ص88، 97، وأنساب الأشراف للبلاذري ص529، وتاريخ الرسل والملوك للطبري 3/73، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/11، وجوامع السيرة لابن حزم ص238، والكامل لابن الأثير 2/178، وكتاب المعارف لابن قتيبة ص71، 123، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/97، وزاد المعاد لابن قيم الجوزية 3/468، والإصابة لابن حجر 2/451، وبهجة المحافل للعامري 1/417، والمواهب اللدنية للقسطلاني 1/161) .
(المستدرك للحاكم 3/270، وأسد الغابة لابن الأثير 3/256، وشرح ثلاثيات مسند أحمد للسفلريني 2/78) .